لم تعد المواد المقلدة التي تدخل المملكة العربية السعودية قضية عادية، أو مشكلة ثانوية قد تؤجل حلولها أو طرحاً للنقاش في وسائل الإعلام لملء الفراغ الإعلامي، بل هي قضية كبرى قد تضر بصحة المواطن والمقيم، وقد يصل ضررها لسمعة السوق السعودية، وكل الدول المتقدمة باتت تحارب دخولها إلى بلدانها لأنها تعرف حجم الضرر الذي قد يشكله على مواطنيها والمقيمين في بلادها. وقد نلمس ذلك حيث ندخل إلى أمريكا أو إحدى الدول الأوروبية، ونرى التشديد القوي في المطارات في تفتيش كل المحتويات الإلكترونية وغيرها، للتأكد من سلامة الصناعة ومحاربة المقلد، فهم يدركون فعلا حجم الضرر والخسائر المادية والبشرية التي تطال الجميع من مؤسسات حكومية وقطاعات أهلية وأفراد. وبقدر ذلك الخوف والتصدي نجد عكسه تماماً، فجولتك على منطقة البلد في مدينة جدة تكشف لك مدى الخطر الذي نتعرض له يومياً من تجار التقليد، والبضائع المغشوشة، ويزداد خوفنا عندما نرى حجم الإقبال عليهم من الزبائن وهم من الفئة التي لا تدرك أهمية البحث عن البضائع الجيدة، وكل ذلك يتم يومياً عبر بسطات تمتد طوال شارع قابل وأجزاء من باب شريف وغيرها من الأماكن. وكما يقول المثل (على عينك يا تاجر)، البيع والشراء في المكان يتم أمام الجميع ودون مراقبة قوية، ومنطقة مهمة كالبلد القديمة في مدينة بحجم مدينة جدة يمارس فيها بيع البضائع المقلدة بهذه الطريقة يعد أمراً مسيئاً لبلدنا الحبيبة ومسيئاً لمدينة جدة وللمواطن وسمعة التجار فيها. وكثيراً ما رأينا مشكلات الإنتاج الرخيص ابتداء من حرائق شواحن الجوالات الرخيصة، ومشكلات الأمراض الجلدية والسرطانات بسبب غش مواد التجميل التي تباع في البسطات وغيرها. وأرى أن هذه الظاهرة مشكلة كبيرة لها أسباب عدة، ومنها قلة الوعي لدى المستهلك وضعف دور المؤسسات التي من المفترض أن تتابع وتراقب وكذلك الجشع المادي وضعف الوازع الديني لدى المستوردين والبائعين.