ينخر الغش التجاري في جسد اقتصاديات الدول، مخلفاً وراءه آثارا سلبية مدمرة تمس الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، فيما يقع المستهلك فريسة يبتلعها التجار والعمالة الوافدة المحتالون بسلعتهم الرديئة والمقلدة والمغشوشة. ومن منطلق أهمية هذه القضية الوطنية، تفتح صحيفة «اليوم» الملف الشهري السادس عشر تحت عنوان «الغش التجاري.. الاقتصاد الأسود»، بمشاركة مسؤولين حكوميين واقتصاديين وأكاديميين وتقنيين ومختصين ومستهلكين متضررين، عبر ندوات وحوارات ودراسات وتقارير خاصة. ويستتزف الغش التجاري بشكل مخيف الاقتصاد الوطني، وموارد المستهلك، ويهدر رؤوس أموال ضخمة ومستثمرة في السلع الأصلية، فيما تقع الكرة في ملعب هيئة المواصفات والمقاييس خط الدفاع الأول لصد تسلل البضائع المقلدة والمغشوشة ومنع دخولها إلى البلاد. ويطلق اقتصاديون ومختصون تحذيرات موجهة للجميع للإسهام في مجابهة هذا الخطر، أحد ألد أعداء الاقتصاد الوطني، واصفين الغش التجاري بمصطلح «الاقتصاد الأسود»، الذي يهز عرش قطاع المال في العالم أجمع. ونوهوا بإجراءات وزارة التجارة المتخذة لمكافحة الغش، من النواحي التوعوية والرقابية في آخر ثلاثة أعوام، متطلعين إلى جهود أكبر للحد من تفشي هذه الظاهرة والغول الذي يلتهم الأخضر واليابس. في مقابل ذلك، حمل أكاديميون نسبة 70 % من مسؤولية الغش التجاري بالمملكة إلى التجار، مرجعين ذلك إلى ضعف الفحص والرقابة في المنافذ، إضافة إلى غياب الثقافة الاستهلاكية في المجتمع، وكبر حجم اليد العاملة الأجنبية التي تجد في هذه السلع المغشوشة فرصة لتحقيق أرباح كبيرة. ودعوا التجار إلى التحلي بالمصداقية والأمانة في عرض السلع، مطالبين إياهم باستشعار الحس الوطني وتغليب الانتماء لهذا الوطن بعرض سلع ذات جودة عالية تنفع المستهلك وتخدم الاقتصاد المحلي. وطالبوا وزارة التجارة والجمارك والمواصفات والمقاييس بالتنسيق البيني العالي، لكبح شيوع الغش التجاري، لافتين إلى أن المواطن والمقيم عليهما دور كبير في الوعي واختيار المنتجات الأصلية ومقاطعة البضائع المقلدة والرديئة لضررها عليهما وعلى عموم الاقتصاد. فيما نبه مختصون تقنيون إلى مخاطر بوابة الغش التجاري عبر التسوق الإلكتروني، مبدين مخاوفهم من تكاثر الشركات الوهمية التي يروج لبضائعها المغشوشة مجهولو الهوية من خلال مطاردة المستهلكين على الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي. ولفتوا إلى أن التجارة الإلكترونية سوق ضخمة ورائجة يكون فيها العرض والطلب بمبيعات يومية كبيرة جدا معظمها لاتوفر ضمانات آمنة للسلعة، مشددين على أهمية إنشاء جهة حكومية بصلاحيات عليا تضبط السوق وتطهره من السلع المغشوشة. حذر اقتصاديون من مغبة تفشي الغش التجاري في المملكة، وتحوله إلى ما يسمى «الاقتصاد الأسود» مشددين على أهمية الوقوف بحزم للتصدي لهذه الظاهرة التي أكدوا وجودها بكثرة في السوق السعودي. وقالوا ل «اليوم» ضمن الملف الشهري السادس عشر «الغش التجاري.. الاقتصاد الأسود»: هذا الغش يسبب أضرارًا بالغة، ويكبّد المستهلك والاقتصاد خسائر كبيرة، منوّهين في الوقت نفسه بالجهود المبذولة من وزارة التجارة في مواجهة الغش، إلا أنهم يتطلعون للمزيد من الإجراءات التي تواجه الغش بعاصفة تشريعات حازمة. وأشاروا إلى أن غالبية المنتجات المغشوشة هي السلع الكهربائية تليها المواد الغذائية والاستهلاكية، كما أكدوا أهمية متابعة الجهات المعنية ل «البسطات» والمحال العشوائية لانتشار البضائع المقلدة فيها. وحسب الاقتصاديين، فإن التعرض للغش التجاري يتراوح بين 30% و80%، ويبلغ حجمه أكثر من 15 مليار ريال، وفقا لمعلوماتهم. وعن المنتجات المغشوشة، اتفق المتحدثون على أن الأجهزة الكهربائية أكثرها، تليها أدوات السباكة، وقطع غيار السيارات، ولم تسلم الأدوية والمأكولات من عبث تجار الغش. ولم يغفل الاقتصاديون الإشادة بجهود وزارة التجارة، والجهات الأخرى في مكافحة الغش التجاري، خصوصا من النواحي التوعوية والرقابية في آخر ثلاث سنوات، مطالبين إياهم بمواصلة تلك الجهود للقضاء على الظاهرة. إلى ذلك، قال الدكتور عبدالله المغلوث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد: إن الغش التجاري ظاهرة سلبية في المجتمع وله أضرار قد تؤدي في النهاية إلى ما يسمى «الاقتصاد الأسود» الذي ينخر في المجتمع ويسيء له، لافتا إلى أنها ظاهرة لم تكن موجودة في المجتمع السعودي فقط، وإنما ظاهرة موجودة في جميع دول العالم، لكن بين دول ودول تختلف الإجراءات التي تحد من هذه الظاهرة. وحول إجراءات الجهات المعنية لمكافحة الغش، أوضح المغلوث أن الإجراءات الصارمة التي تجرم هؤلاء الذين يمارسون التجارة بالشكل غير السليم قد لا ترقى للطموحات، متطلعا من إدارة الجمارك الى مزيد من التدقيق على البضائع المستوردة، التي تدخل عبر منافذ المملكة. وطالب المغلوث بعدم دخول البضاعة التي ترد إلى المملكة ما لم تكن من شركة أو مؤسسة معتمدة ولها أهليتها الشرعية، كما أن مواصفات هذه البضاعة تكون قد صدقت من وزارة التجارة والاستثمار، حتى نحد من التعرض للغش التجاري سواء في الأشياء الاستهلاكية أو المواد الغذائية. وتوقع المغلوث حجم الغش التجاري بين 20% و30%، مشيرا إلى أن هناك ثغرات يستغلها المستوردون لجلب بضائع ومنتجات غير مطابقة للمواصفات السعودية والخليجية والمتضرر هو السوق السعودي والمستهلك، بل هناك هدر في الأموال رغم ارتفاع أسعار تلك البضائع، ولابد للجهات المعنية أن تعمل جولات ميدانية مفاجئة. ويرى أن ضمن حلول كبح الغش التجاري، التخلص من عشوائيات المحال التجارية التي تحتضن تلك البضائع المغشوشة وتطوير قطاع التجزئة عبر الشركات العالمية والإقليمية، مضيفا: البسطات هي سبب المشكلة، إضافة للبقالات الصغيرة العشوائية، فعلينا تشجيع شركات قطاع التجزئة، لكن عندما ننظر لأصحاب المحال الصغيرة نجد أنهم هم من يسعون لوجود بضائع مغشوشة من أجل الكسب والربح السريع. وأكد أن ثقافة وعي المستهلك غائبة بحقوقه وواجباته، مبينا أن جمعية حماية المستهلك يجب أن تعمل ورش عمل وندوات ومحاضرات مكثفة في الأسواق والمجمعات والجامعات كي تثقف المواطن بأهمية دور هذه الجمعية وبمخاطر المنتجات المغشوشة والبضائع المقلدة والرديئة على الأسواق والمستهلك. ولفت المغلوث إلى أن غالبية المنتجات المغشوشة تكون من المأكولات والمنتجات الكهربائية، والمواد الاستهلاكية. إلى ذلك، أوضح الدكتور عبدالله الفايز مستشار التخطيط والاقتصاد أن الغش التجاري ظاهرة عالمية، مبينا أن هناك قوانين لمنعها. وبيَّن الفايز أن لها آثارا مترتبة عليها، سواء على مستوى المواطنين أو الدولة، فهي تؤثر على المصلحة العامة وتسبب خسائر كثيرة للمستهلكين، وكذلك مخاطرها كبيرة بالمنتجات الكهربائية، حيث تسبب الحرائق، إضافة إلى استنزافها الأموال، وحقوق الملكية العامة وبراءة الاختراع، وتسبب مشكلات نفسية للمستهلكين، وتؤثر على ربحية الشركات والمنتجات غير المغشوشة. وحول حجم فسادها، توقع الفايز أن تبلغ ما يقارب 15 مليار ريال، مشيرا إلى أن حلولها تتمثل في: زيادة القدرات والكوادر لمراقبة ومنع الغش التجاري لتوعية وزيادة الوازع الديني والأخلاقي للجميع، وكذلك زيادة المختبرات ووضع المواصفات الدقيقة لضمان جودة المنتج وتوقيع العقوبات والتشهير بالغش ومرتكبيه. ودعا الفايز للانضمام للمؤسسات الدولية والاستفادة من تجارب الدول في القضاء على هذه الظاهرة. وفي السياق نفسه، قالت الكاتبة الاقتصادية انتصار المالح: إن حجم الغش التجاري بالمملكة ضخم، لافتة إلى أنه في الآونة الأخيرة تقلصت حالات الغش، مستدركة: لكن لا يزال هناك جزء بسيط متداول لظاهرة الغش التجاري وبإمكان وزارة التجارة تحديده والسيطرة عليه بفرض تشريعات وعقوبات رادعة أكثر مما هي عليه اليوم وتنوير المستهلك. وأضافت: هناك جهود وزارة التجارة خلال هاتين السنتين الأخيرتين في إحباط كميات كبيرة من الغش التجاري المتمثل في الأدوية والغذاء ومعدات الكهرباء وغيرها الكثير. واعتبرت المالح أن للغش سلبيات كبرى على الاقتصاد المحلي، حيث إنه ينتج عن ذلك حالة عدم استقرار اقتصادي ونشوء سوق سوداء وازدياد الفجوة السلبية على السياسة النقدية، لأن ازدياد حالات الغش التجاري ينتج عنه ازدياد في النقود، وكذلك ازدياد في التحويلات الأجنبية ما يسبب ضعفا في الكفاءة الاقتصادية والإخلال بتوزيع الموارد، وكذلك ما يسببه الغش التجاري من تقليل فرص المواطنة في التوظيف والاتجاه للعمالة الأجنبية التي تعتمد كثيرا على الغش التجاري وتفتح منافسة في المشروعات البسيطة والمتوسطة التي يتجه إليها أغلب المواطنين استهدافا للأسعار التي تعتبر في متناول اليد. وأفادت بأن المستهلك هو المتضرر الأول في حالات الغش التجاري فأقوى الحلول: توعيته ونشر ثقافة التبليغ لما فيها من اثر على الفرد والمجتمع دون خوف، حتى أن وزارة التجارة في الفترة الأخيرة رصدت مكافآت تشجيعية لمن يبلغ عن حالة تستر وغش تجاري، فيبقى دور الفرد المستهلك الحل الأول لنشر ثقافة الانفتاح التجاري ضد المتسترين. وتابعت: ومع ظهور رؤية التحول الوطني 2030 الجديدة نطمح الى أن يكون هناك تحرك إيجابي من وزارة التجارة في إزالة الغش التجاري بصورة كاملة، وهذا مستطاع لأن ذلك سيؤدي إلى انتشار الحالة الصحية الجيدة في المجتمع ويوفر جوا استثماريا صحيا وإنتاجيا، وزيادة الوظائف وتقليل البطالة ويوفر كذلك جوا من الشفافية التي هي عنوان تلك الرؤية، ويعم الصدق ويتعلم التاجر مبدأ التعامل الشريف الذي يدعو إليه دينه ووطنه ومجتمعه. وفي الجانب التجاري، أكد محمد العجلان رئيس اللجنة التجارية بغرفة الرياض أن ظاهرة الغش التجاري ظاهرة عالمية، ويعاني منها كثير من دول العالم والمملكة العربية السعودية إحدى هذه الدول، وتتكبد الخسائر بسبب هذه الظاهرة المشينة التي تحمل العديد من الآثار الضارة لاقتصاد الدول وتهدد أمن المجتمعات وسلامتها. وأبان أن الظاهرة بالمملكة منتشرة، مشيرا إلى أن هناك عدة أسباب تتمثل في: حجم السوق الكبير وتدفق العدد الكبير من البضائع للأسواق، إلى جانب انتشار تجار الشنطة والتستر التجاري، وهي أحد المسببات، لأن المتستر عليه أن يبحث عن الربح السريع، مضيفا بقوله: كي تستمر في السوق وتكبر وتنمو وتبني اسما تجاريا يجب المحافظة على الجودة والأمانة. وأفاد العجلان بأن هناك وعيًا أكبر لدى المستهلكين، مضيفًا بقوله: الجدار الأول هو المستهلك نفسه. وبين رئيس لجنة التجارة بغرفة الرياض أن قضايا الغش شملت العديد من السلع، ويتفاوت حجم الأضرار من سلعة لأخرى، مبينا بقوله: نجد الغش في الأجهزة الكهربائية وقطع الغيار وزيوت السيارات والمواد الغذائية والملابس والعطور ومواد التجميل وأحبار الطابعات وكثير من السلع الاستهلاكية. وقال: هناك جهود تبذلها وزارة التجارة والاستثمار والعديد من الجهات المعنية والمساندة لهذه الجهود مثل: الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس وهيئة الغذاء والدواء وغرفة الرياض والغرف السعودية الأخرى والإعلام السعودي بكافة صوره في سبيل محاصرة ظاهرة الغش التجاري وتقليد السلع، انطلاقا من الرسالة التي نحملها في السعودية والهادفة إلى تحصين الدولة السعودية والمجتمع من أخطار هذه الظاهرة. ولفت إلى أن اللجنة التجارية لها تعاون مستمر مع الجهات الحكومية في تنظيم اللقاءات والاجتماعات، وكذلك تنظيم ورش العمل والمحاضرات التي تهتم بمكافحة الغش التجاري، لافتا إلى أن غرفة الرياض قد نظمت ورشة عمل لتعريف التجار والمستوردين وأصحاب المصانع والعلامات التجارية والوكلاء المحليين ببرنامج «IPM» الإلكتروني لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية، من خلال تقديم عرض مرئي حول النظام وتوضيح طريقة الاستخدام والبحث للتعرف على المعلومات التفصيلية عن المنتجات ومعلومات الاتصال بالشركات المنتجة وكيفية التمييز بين المنتج الأصلي والمقلد، إضافة إلى مجموعة من المعلومات التي تخدم المختص للتعرف على هذا البرنامج. وشدد العجلان على أهمية توحيد الجهود، كي نحمي الاقتصاد الوطني من مخاطر وأضرار الغش التجاري التي تكبده خسائر بالغة، فضلا عن مخاطرها الجمة في حق المجتمع وصحة وسلامة أبنائه. وأشار العجلان إلى أن أحد الحلول المهمة في مكافحة ظاهرة الغش التجاري والجدار الأول للحماية هو المستهلك نفسه، فعندما نرى الوعي يزداد لدى المستهلك ويبدأ معرفة البضائع الأصلية من المغشوشة فهذا يمثل الخط الأول لمحاربتها ومكافحتها. وتابع: «هناك نشاط للحقوقيين في التوضيح للمستهلكين حول ظاهرة الغش، كما أن هناك دورا لجمعية حماية المستهلك، التِي نأمل منها الكثير في التوعية والإرشاد حول قضايا حقوق المستهلكين، وكذلك التوعية ضد أضرار وأخطار الغش التجاري، ونتمنى أن نرى مؤسسات مدنية أهلية غير ربحية في هذا المجال». وقال: إدارة خدمة المجتمع بالغرفة التجارية يندرج تحتها قسم مستقل يهتم بتوعية المستهلك، وكذلك التاجر للتوعية بقضايا الغش التجاري وأضرارها، وكذلك سبل محاربته. ونظمنا العديد من الحملات والفعاليات التي تسهم بشكل مباشر في التوعية، وحملة «خلك مع الأصلي» للتوعية بأن الجودة يعود نفعها على المستهلك. وشاركت الغرفة بمعارض في الأسواق التجارية «المولات» بتوعية المستهلكين مباشرة، مثل حملة «ويل للمطففين» الموجهة لأصحاب المحلات وتوعية المستهلك بحقوقه. وأكد العجلان على أهمية قيام المستهلك بالتبليغ عن حالات الغش التجاري، حيث إن وزارة التجارة مثلا وضعت تطبيقا على الهواتف الجوالة للإبلاغ، وكذلك خط هاتف رقم 1900. وحذر العجلان من خطورة الغش التجاري، وتكبيده الاقتصاد خسائر، بالإضافة إلى ما تشكله الأجهزة من خطر بالمنزل وما تسببه من حرائق، مطالبا وزارة التجارة وهيئة الدواء والغذاء بمراقبة الأسواق. وأردف: نتفاجأ بأن هناك غشا في الأدوية التي تمس مباشرة صحة وسلامة الإنسان، وبكل تأكيد الدور الرقابي يختلف حسب السلعة من مراقبة جهة حكومية إلى أخرى. فوزارة التجارة مسؤولة عن العديد من السلع، بينما نجد الأدوية ومواد التجميل ضمن اختصاص هيئة الغذاء والدواء. وأكد على أهمية الوقوف بحزم ومقاطعة شراء السلع والبضائع المغشوشة وأيضا الإبلاغ الفوري عن حالات الغش التجاري، لأننا في نهاية الأمر مستهلكون، وأي غش يضر الجميع، فمثلا: ربما أكون تاجرا في سلعة أو أكثر، بينما بقية السلع أنا مستهلك، فعلينا جميعا كمجتمع المحافظة على السلامة. ولفت إلى أن الغرفة مكملة للجهود الحكومية في مكافحة ظاهرة الغش التجاري التي تكبد الاقتصاد الوطني الخسائر وتضر أيضا بمصالح التجار النزيهين الذين يبذلون جهدهم لتقديم سلع جيدة بنوعية ومواصفات مطابقة للمعايير، بينما يجني الآخرون من ضعاف النفوس الربح السريع. وأضاف: وكذلك ضعف العقوبات التي تفرض على المتورطين في هذه الظاهرة، حيث إن الغرامة المالية البسيطة وإغلاقها يومًا أو يومين ليس رادعا كافيا خصوصا أن هناك مكاسب كبيرة يحققها أصحاب هذه السلع المغشوشة والمقلدة، وندرة الحملات الرقابية المكثفة والمنتظمة على الأسواق، وقلة الكوادر المتخصصة في الكشف عن هذه السلع المغشوشة. إلى ذلك، عرف نائب رئيس اللجنة التجارية بغرفة الرياض سعد السويلم الغش التجاري بأنه إيهام من البائع للمشتري بأنها سلعة أصلية، وهي في الحقيقة غير ذلك، أما إذا كان صريحا بأنها مقلدة فلا يدخل هذا ضمن الغش. وأشاد السويلم بأعمال وزارة التجارة في مكافحة الغش، مطالبا إياها ببذل الكثير من الجهد للتصدي له، مبينا أن الغش ظاهرة سيئة وغير مقبولة. وأوضح السويلم أن توعية المستهلك ضرورية، مبينا أنه ينخدع كثيرا بكلام البائع، من خلال مدحه السلعة، ويشتريها دون تفكير سواء كانت أصلية أم لا. وأشار السويلم إلى أن غالبية الغش التجاري في قطع غيار السيارات، مبينا أن لها أثرا كبيرا على حياة الإنسان. بينما، قال عضو اللجنة التجارية بغرفة الرياض فيصل العبدالكريم: إن الظاهرة متفشية جدا سواء على المستوى العالمي أو المستوى المحلي، لكن تركيز المقلدين لبعض السلع منصب الآن باتجاه دول الخليج، لأنها أكثر تلاعبا وأقل أنظمة صارمة، لأنه لا توجد مختبرات بحثية. ونوه العبدالكريم لأن المنتجات المقلدة تتنوع بين قطع الغيار، والملابس، وهناك تلاعب كبير في قطاع الأدوية. وأفاد العبدالكريم بأن أشهر أنواع الغش التلاعب بالأدوية وتقليد الماركات وقطع غيار السيارات، لافتا إلى أن سوق قطع الغيار يبلغ حجم التقليد فيه حوالي 20 مليار دولار. ودعا العبدالكريم إلى سن قوانين حازمة لمواجهة هذا الأمر، مضيفا: نحن بحاجة لأنظمة لردع المقلدين وسن عقوبات رادعة، لكن المشكلة أن العقوبات المالية المفروضة على المقلدين لا تقارن بحجم الأشياء التي قلدوها. وطالب بشطب السجل التجاري لمروجي البضاعة المغشوشة مع سجن 20 عاما، لافتا إلى أن أغلب المقلدين من الأجانب المتستر عليهم، مشددا على أهمية مساءلة أي عامل عربي يذهب من السعودية إلى الصين، حيث إنه محل شبهة، مطالبا بأن يؤخذ بحقهم إجراء بمنع العودة للمملكة. واعتبر العبدالكريم المتسترين سببا في الغش التجاري، حيث إن الأجانب لا يهمهم العقاب، لأنه سيقع في النهاية على المتستر. وحذر من خطورة المتستر عليهم، مشيرا إلى أنهم يعملون على الذهاب للصين وجلب أسوأ المنتجات، لافتا إلى أن أحد الحلول للقضاء على الغش التجاري إيقاف البضائع الرديئة المستوردة من الدول الخليجية. في حين أرجع المهندس عبدالعزيز العبداللطيف سبب وجود الظاهرة إلى العولمة، مبينا أنه في هذا الزمن يسهل على التاجر استيراد المنتجات المغشوشة من الخارج ومعرفة ما هو جديد منها بكل سهولة. وبين أن وزارة التجارة تقوم بإجراءات جيدة في مكافحة الغش التجاري، لكن مازالت دون الطموح، والوضع يتطلب مضاعفة الجهود مع الجهات ذات العلاقة مثل: هيئة المواصفات والمقاييس والجودة ومن مصلحة الجمارك. وأبان أن المستهلك يتعرض للغش التجاري دون أن يعلم بذلك، لكن بشكل عام لا يمكن تحديد نسبة حقيقية للغش، لافتا إلى أن الغشاشين لهم طرق كثيرة منها: التلاعب بالجودة، وترويج الإعلانات بأسعار مذهلة وبضمانات كاذبة. وأشار إلى أن مستوى وعي المستهلك زاد في السنوات الأخيرة، لكن ما زلنا نحتاج لحملات توعية أكثر في كل المنتجات التجارية، مفيدا بأن أغلب المنتجات تعاني الغش التجاري، مستدركا: لكن أجد أخطرها الغش في مواد البناء والمواد الكهربائية والصحية وقطع غيار السيارات، فهي قد تودي بحياة الإنسان، وشدد على أهمية التبليغ عن المنتجات المغشوشة، وتحذير الناس من التعامل معهم.وطالب العبداللطيف باستحداث هيئة خاصة لمكافحة الغش التجاري على أن تمنح الصلاحيات الكاملة سواء في المتابعة أو الرقابة أو حتى إقرار العقوبة وفحص المنتجات بكافة أنواعها قبل دخولها البلاد، بالإضافة إلى مراقبة المنتجات المحلية. في المقابل، أكد المستهلك حسين آل سنان على وجود الظاهرة وتفشيها، لافتا إلى أنها تؤثر سلبا على المنتجات الأصلية نظرا لتكلفتها المنخفضة، وبالتالي تؤثر في انتعاش سوق البضائع الأصلية بشكل سلبي. وثمَّن جهود وزارة التجارة للحد من هذه الظاهرة، مبينا أن البسطات المتنقلة والأسواق العشوائية الشعبية ما زالت موجودة وبكثرة.وأوضح آل سنان أنه يركز على التبضع من مراكز كبيرة رئيسة، ويبتعد عن المحلات العشوائية والأسواق الشعبية. وشدد آل سنان على أهمية أخذ الموضوع بجدية أكبر، لما يترتب على الغش من بضاعة مقلدة، وربما تصل إلى تشكيل خطر على الحياة، حيث إن تقليد السلع الكهربائية، له أضرار كبيرة عندما يحدث هناك التماس فيها. وأشار آل سنان إلى أن معظم المستهلكين خصوصا ذوي الدخل المحدود يركزون على سعر المنتج، لذلك يشترون بضائعهم من الأسواق الشعبية العشوائية أو البسطات المتنقلة، متجاهلين جودة المنتجات. ولفت إلى أن غالبية المواد المغشوشة من الأدوات الكهربائية بشكل عام ومحال العطور، منوها إلى أنه لا يعرف آلية التبليغ والإجراءات المتبعة في هذه الحالة. وقال: الكشف عن الغش التجاري مسؤولية الجميع ابتداء من المستورد ونهاية بالمستهلك. وطالب آل سنان الجهات المعنية مثل: وزارة التجارة ومصلحة الجمارك، وهيئة الموصفات والمقاييس وحماية المستهلك، باتخاذ إجراءات قوية ضد بائعي البضائع المغشوشة. من جانبه، قال المستهلك ذيب الدوسري: إن ظاهرة الغش التجاري منتشرة بالمملكة، وتؤثر أضرارها على الدخل العام، وتشكل خطرا على حياة الفرد والمجتمع. وأشاد بإجراءات وزارة التجارة، معتبرا أنها جيدة خاصة في السنوات الثلاث الماضية، ومهما بلغت درجة الوعي ينبغي أن تكون هناك إجراءات توعوية وبشكل مستمر. وذكر الدوسري أنه يتعرض للغش في 80 % من مشترياته، مبينا أن أغلب المنتجات التي يكثر بها الغش هي: الأدوات الكهربائية والسباكة وقطع غيار السيارات. وأوضح أن الأدوات الكهربائية تشكل خطرا كبيرا على حياة الأسرة، حيث إنهم يروجون لأدوات مقلدة، وغير آمنة، مشددا على أهمية اتخاذ إجراءات صارمة بحقهم، وكذلك معاقبة البائع والتاجر على هذا الفعل. وأفاد بأنه عند تعرضه للغش التجاري يبلغ دون تردد، داعيا الجميع إلى التبليغ عند تعرضه أو ملاحظته تلاعبًا تجاريًّا. كما طالب وزارة التجارة والجهات الأخرى المعنية بالتوجه لمنع «البسطات» والمحال العشوائية، حيث إنها تعد سببا في انتشار الظاهرة. عامل يركب بطارية جديدة.. وتعد قطع غيار السيارات الأكثر تعرضا للغش التجاري السلع الرديئة ضررها على المستهلك والاقتصاد أكبر من نفعها البضائع زهيدة الثمن بلا جودة