للأسف بسبب تدني المحتوى والمستوى الفكري والجوهري للخطاب الإسلامي والوعظي تباعد هذا الخطاب عن القيم الجوهرية للإسلام كقيمة العدل وصار مجرد خطاب تجييش ضد النساء وحقوقهن، تجييش ضد مكونات المجتمع المختلفة بانتماءاتها المذهبية والفكرية، تجييش ضد العالم، تجييش ضد العصر الحديث، والنتيجة مظالم واسعة وفاحشة بحق النساء، وتطرف وحروب أهلية وإرهاب استجلب على المجتمعات والدول المسلمة انتقام الدول التي قام الإرهابيون بعمليات ضدها، وكل هذا تسبب بتنفير ليس فقط غير المسلمين من الإسلام إنما أيضا تنفير المسلمين وبخاصة النساء من دينهم ما أدى لانتشار الإلحاد والتحول عن الإسلام وهروب الفتيات، وتسبب بنشر مراهقين لمقاطع يهددون فيها النساء بالصدم والتحرش والاعتداءات إن قدن سياراتهن متوهمين أنهم بهذا يقومون بعمل إسلامي صالح! لأنه تمت قولبتهم بالخطاب الديني السلبي على أن معاداة المرأة وحقوقها العادلة هو الدين والصلاح؛ فبعض الدعاة لمح وصرح خلال السنوات الماضية بتشجيع الفئة الغارقة بالمنكرات والكبائر المسماة بالدرباوية على التحرش بالنساء وإيذائهن إن سمح بالقيادة كعمل إرهابي يرهب النساء عن القيادة، وكثير من هؤلاء الوعاظ هم من الفئة التي ذكرها د. سعد الدريهم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بتغريدة 19/5/2015 «إذا كنت داجا ومفحطا فلا تخف على مستقبلك؛ فما عليك إلا أن تطلق لحيتك وتقصر ثوبك وتزعم التوبة واحفظ حديثين، وستجد من يصدرك لتتكلم بمصير الأمة». ونشر الشيخ محمد الفيفي وكيل قسم الدعوة بالمعهد العالي للدعوة والاحتساب وعضو هيئة التدريس بمركز محمد بن نايف للرعاية والمناصحة بموقعه مقالا 1/22/2010 بعنوان «خطر القصاصين على الدعوة والمدعوين» «أصبحنا نرى من يتصدى لتوجيه الناس من كان غارقا بالمخدرات والتفحيط والمعاكسات بحجة أنه تاب.. كيف يليق بمن كان غارقاً بالجهالة طوال حياته أن يكون الداعية والواعظ والمرشد والشيخ؟!.. وهؤلاء يصدق عليهم الوصف النبوي في الرؤوس الجهال الذين يضلون» وإن منع أمثالهم من الوعظ «غضب وغضب معه كثير من الناس يظنون أن القصد الصد عن سبيل الله والتضييق على الدعوة». كما أنه غلب على اجتهادات التراث الفقهي انحيازات أهواء «غرور الأنا» الذكوري الذي جير الأحكام لصالحه على حساب النساء، وغيب الصوت الفقهي النسائي حتى بخصوصيات الأحكام النسائية المحرجة، رغم أن عدد حاملات الشهادات الأكاديمية العليا أكبر من عدد الذكور، وعموما قيادة المرأة السيارة ومساواتها بالحقوق مع الرجل هو العدل وحرمانها منها ظلم يخالف الغاية الأساسية للدين (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط). * كاتبة سعودية [email protected]