ريفي ل«عكاظ»: زيارة عون للسعودية نقطة تحول في العلاقات اللبنانية - العربية    القمة العربية الطارئة بالقاهرة تبحث اليوم إعمار غزة دون تهجير    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    المملكة ولبنان تؤكدان في بيان مشترك أهمية تعزيز العمل العربي والتطبيق الكامل لاتفاق الطائف    بالأرقام.. غياب رونالدو أزمة مستمرة في النصر    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    أرامكو السعودية.. أرباح قوية رغم التقلبات وتوزيعات نقدية ضخمة في 2024    موعد مباراة الأهلي والريان في دوري أبطال آسيا للنخبة    تراجع أسعار الذهب إلى 2892.00 دولارًا للأوقية    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    ترامب يبحث ملف المساعدات.. وروسيا تشدد مواقفها.. مساع أوكرانية – أوروبية لإصلاح العلاقات مع أمريكا    تاسي: 339.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    وزير الدفاع يبحث مع نائب رئيس الوزراء السلوفاكي علاقات البلدين في المجال الدفاعي    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. أتلتيكو مدريد لإنهاء عقدة الجار.. وأرسنال لتعويض خيبته المحلية    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    فيض من عطاء في بلد العطاء    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجدًا تاريخياً عمره 100 عام    منعطف إجباري    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على الخطط المستقبلية للمديرية العامة للسجون    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    أمير الرياض يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    الشلهوب يُرزق بشيخة    محمد بن علي زرقان الغامدي.. وجه حي في ذاكرة «عكاظ»    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    "حديث السّحر" ماشفت ، ماسويت ، ماقلت ، مدري    توصيل الإنترنت عبر الضوء    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن وجبة الإفطار في الميدان    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    خديجة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    لهذا لن تكشف الحقائق الخفية    مغامرات جرينلاند    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    التسامح...    الدوري أهلاوي    التعليم السعودي يفتح خزائنه في سباق العشرين عالمياً    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    النصر يتعادل سلبيا مع الاستقلال في غياب رونالدو    فيصل بن مشعل يزور القضاة والمشايخ    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تنبح الكلاب !
نشر في عكاظ يوم 27 - 06 - 2018

أكثر من 45 عاماً تفصل بين تدويني هذا وتلك الأيام وعبر الزمان ومحطاته المتعددة.. توارت لحظات وبقيت أخرى، ثمة صور تظل ناصعة ماثلة أمامي وأخرى أجتهد لاستعادتها.. اختفت تماماً، وما هذا إلا فناء تدريجي مؤد، لا أعرف لماذا تندثر بعض اللحظات وتتوالى أخرى بكافة تفاصيلها.. أي مثيرات تحرك وأي قوانين خفية تقصي وتقرب؟ لا يمكن للإنسان استرجاع كافة ما ولى منه أو التوقف عند سائر ما كان إنما ينتقي.. ولقد انتقيت لكم اليوم هذه.. كنت أسكن «حي الجامعة» في السبعينات الميلادية. «حي الجامعة» كان عالماً مختلفاً عما هو عليه اليوم؛ منازل متواضعة وأبواب كالحة اللون.. والطرقات حال لون حوائطها وأزقتها.. كنت أتقاسم سكن ذلك البيت الشعبي مع زميل مصري ما زال يعيش بيننا وتزوج من أسرة سعودية كريمة وأنجب منها صبياناً وبنات.. أما ما جمع الشامي مع المغربي أو المصري والسعودي، فهناك قول إن الأرواح تتآلف، ولقد وقعت عيني عليه يوماً وعلى طول القلب انفتح، وهو كمان ما كذب خبر كلمة في كلمة وصرنا أصحاباً حتى تاريخه اسمه «يسري»، وهو رجل ولا كل الرجالة، على قول إخواننا المصريين أصيل ودغري بعض الناس جواها كنز «يسري» لم يكن كنزاً فقط بل كان كنزاً ودائماً مفتوحاً للناس وتعب الناس، يحمل هم الناس ربنا خلقه على صفته هذا ما يعيش غير وسط الناس حاسس بيهم وحاطط إيده على جراحهم.. ومصر تنفض من رحمها كثيرين مثل «يسري»، كان ذا شخصية جذابة ويتمتع ببديهة حاضرة وطبيعة فكهة يميل دائماً للدعابة ويقدرها، وكان كريماً من سلالة حاتم الطائي، كنت أقوم بتدريس ابن أحد الأثرياء بأجر شهري وكان يسكن في قصر من قصور «مدائن آل فهد» بعد انتهاء عملي اليومي في كلية الطب، هذا القصر لا يزال هناك حتى الآن كبير وفسيح مهجور حجراته مغلقة وأشجاره ميتة منذ أن هجره أهله لم أكن متعباً بعد الانتهاء منه فذهبت إلى «شارع قابل» لشراء بعض الاحتياجات ومكثت هناك حتى وقت متأخر وعدت في الأتوبيس كالعادة، حيث لم أكن أملك عربة والذي تركني عند معرض «عبداللطيف جميل» في طريق مكة ومشيت متقدماً نحو «حي الجامعة»، كان الوقت متأخراً والجو حاراً خانقاً ودرجة الرطوبة لا تطاق، كانت الشوارع معتمة سوداء، كان ضوء القمر يتدهور فوق المباني الشعبية البسيطة يتفتت يصير مسحوقاً فضياً تشوبه ظلال كأكسدة الفضة في أشكال شبحية متكسرة، ما إن دلفت الزقاق حتى داهمني الظلام الدامس كخفاش خرافي طواني بين جناحين فجمدني، كانت كلاب تتهارش بحيوية مشتعلة تملكني الرعب تماماً، وسعت خطواتي ولكنني لم أهرول.. اقتربت الكلاب مني راح عقلي يحاول القيام من كبوته.. كان ذهني مثل كلكيعة مخروطة في جسد الظلام الحالك ونباح الكلاب.. قررت أن أغتال شبح الخوف فأنا لا أستطيع الرجوع فيجرون ورائي.. أخيراً جمعت شجاعتي من شتات روحي ومشيت بينهم.. أخذوا يحدقون فيّ بتحد ويشمشمون مشيتي.. لا أعلم أهي شجاعة أم الاستسلام للقدر؟ ما إن وصلت إلى الباب حتى صحت بصوت مضطرب ناديت على «يسري»، كررت النداء عدت مرات في كل مرة أعلى صوتاً من سابقتها وبعصبية متصاعدة كصرخة حادة ممدودة.. شعرت بفرحة عظيمة والباب يفتح.. كانت على وجه الأخ «يسري» مسحة دهشة طفولية تعكس شعوره الصعيدي العريق بالعيش مع الكلاب وأنه لا يليق بك أن تخاف كان يريد إيهامي بأن الذي حدث شيء طبيعي.. سألني بسخريته المعتادة «عملت إيه مع الكلاب؟» لعله سؤال حياتي الدائم والذي يلاحقني من يومها.. أعمل إيه مع الكلاب؟ خاصه في زمان كثر عددهم وارتفع نباحهم.. تخيلوا لو توقفت لألقي بحجر على كل كلب نبح عليّ هل كنت سأصل إلى وجهتي!
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.