إلى مقربة من طريق القوافل الرابط بين شرق الأبيض المتوسط ونجد، وفي قلب الدهناء، يقف خلف السحيمان، على ذكريات رمضان في «جبة»، المختلفة تماماً عن ما يعيشه الآن، بصلاة التراويح تحت المطر في المساجد الطينية، ومنذ استقبال هلال رمضان من «مطلة»، حتى وليمة «العيد». وبحديث ممزوج بالحنين، أشار العم خلف إلى أن العناء والتعب والمشقة كانت عنوان الحياة سابقا: يقول: «عشنا أيام كانت صعبة للغاية، كنا نستقبل رمضان بالخروج إلى منطقة مرتفعة تسمى «مطلة» لرؤية هلال شهر رمضان وإذا لم تتسن لنا رؤيته، نتحلق حول «الراديو» نادر الوجود آنذاك لسماع إعلان دخول الشهر». ودون أي اختلاف في مظاهر الحياة اليومية، يذكر العم خلف أن حياتهم قديماً في رمضان، لم تكن تختلف كثيراً عن أيامهم العادية صيفاً أو شتاءاً، يقول: «كان الرجال يتحلقون صيفاً بعد انتهائهم من عملهم تحت النخيل للبحث عن الجو اللطيف ليخفف عليهم عناء الصيام والعمل طوال اليوم، في الماضي لم يكن لدينا مكيفات، كنا نتسابق للحصول على الظل بسبب الجوع والعطش، على عكس هذه الأيام بعد أن أصبحنا نعاني من الإسراف والنوم طوال الشهر». ولم يكن المطر أيضاً سبباً ليثني العم خلف و«الطيبون» في جبة من أداء صلاة التراويح في مساجدهم الطينية قديمة، التي كانوا يواجهون فيها «البرد» بإشعال النيران داخلها بحثاً عن الدفء، يقول: «كنّا نصلي بالمساجد الطينية، أذكر أن المطر هطل علينا مرة وقت صلاة التراويح، ونزل علينا الماء داخل المسجد، أكملنا الصلاة رغم ذلك وكنّا نضرم النار داخل المسجد الطيني لنحصل على الدفء». ويروي العم خلف قصته النادرة التي صام فيها سكان «جبّة» يوم العيد، وحادثة أخرى أفطروا فيها قبل انقضاء الشهر لعدم توافر وسائل التواصل، يقول: «أذكر أننا صمنا يوم العيد في جبة، سكان مدينة حائل كانوا صائمين أيضاً، وحضر إلينا شخص من حائل بعد الظهر واستغرب عدم إعدادنا الوليمة المعدّة يوم العيد، وأذكر أيضاً أننا أفطرنا يوم الثلاثين المكمل لشهر رمضان المبارك، لعدم توافر وسائل التواصل التي تخبرنا بمواعيد دخول وانتهاء الشهر».