لم يكن أي منهم يعلم ماذا يخبئ له القدر، ودون أن يعلم أي منهم أن زيارتهم ل«البرك» برفقة نائب أمير منطقة عسير الأمير منصور بن مقرن ل«خدمة الوطن» ورعاية مصالح المواطنين، ستكون آخر كلمة يذكرها التاريخ عنهم قبل أن يضع تحطم الطائرة التي تقلهم في محمية ريدة، نقطة آخر السطر في حياتهم، ويخلدهم التاريخ رجالاً قضوا في سماء الوطن خدمة لمن هم في الأرض. ولن ينسى التاريخ السعودي وتاريخ منطقة عسير ذكرى رئيس المراسم في إمارة منطقة عسير خالد الحميد، والمرافق الخاص بالأمير منصور بن مقرن العقيد سعود السهلي ومدير الإدارة العامة لشؤون الزراعة بمنطقة عسير فهد الفرطيش، وقائدي الطائرة النقيب طيار نايف الربيعي والملازم أول طيار محمد الشهراني، ومساعدهم عبدالله حداداي، والنقيب عبدالله الشهري، الذين قضوا نحبهم في سماء عسير. ودون أن يعلم شهداء طائرة عسير أن طريقهم للجنة سيبدأ من السماء، والتي كان للقدر اليد الطولى فيها، بعد تواصل قائد المروحية الملازم أول محمد الشهراني مع ابن محافظ محافظة محايل عسير محمد المتحمي، طالباً منه التواصل مع والده لمرافقتهم في رحلة الشهداء، بعد أن اعترضت طريقه للبرك حادثة سير ساعد في حمل جثمان المتوفى فيها. ولعل آخر ما تبقى من حطام الطائرة بطاقة عمل أمين منطقة عسير المهندس صالح القاضي، لتكون خير شاهدة عليه، إضافة إلى صفحات كتب عليها وكيل إمارة منطقة عسير سليمان الجريش أدعية تتضمن عفوه عن من ظلمه، وشكره لله ثم لزملائه في مساعدته على قضاء حوائج المسلمين، لتكون ورقة الجريش السرية شاهدة على إخلاص رجل استشهد وهو يعمل للوطن.