لم تكن ليلة تكريم الراحل تركي السديري استثنائية فحسب، بل تعدتها إلى انبهار بشخصيته كصحفي ومثقف وإنسان، عندما تحدث عنه 4 من كبار الصحفيين ممن عاشروه عن قرب؛ الدكتور هاشم عبده هاشم (رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» السابق)، وخالد المالك (رئيس تحرير صحيفة الجزيرة)، والكاتب الأديب عبدالله مناع، والكاتب قينان الغامدي (رئيس تحرير سابق وكاتب مخضرم). الدكتور هاشم عبده هاشم أكد أن الإنسانية في شخصية السديري هي الطاغية، إضافة إلى الجانبين المهني والقيادي، معتبرا أنه شخصية مهنية ومثقف مستنير، جاء في وقت كان فيه المجتمع بحاجة إلى من يفتح أمامه كل الأفق دون حدود، وهي مهمة معقدة وصعبة وغير قابلة للاجتهاد، إضافة إلى أنه يملك علاقات متشعبة تبدأ بأعلى المستويات وتنتهي بالقارئ الذي يتلقف ما يكتبه وما يصدر عن صحيفته. من جانبه، أوضح خالد المالك أن السديري تميز «بالشهامة والنبل والكرم، والجانب الإنساني الذي يتمتع به، فكثيرا ما ساعد الناس على تجاوز مشكلاتهم، أحيانا بماله وأحيانا بجاهه، وأحيانا بتضامنه وتفهمه للمشكلات التي يعانيها العاملون في مؤسسة اليمامة الصحفية، ولكنه تجاوز ذلك إلى خارج المؤسسة». أما الدكتور عبدالله مناع فشدد على لفتة «عكاظ» في تكريم تركي السديري، موضحا أنه صحفي تقدم الصفوف حتى أصبح رئيسا للتحرير وصاحب قلم جميل يعطي الإحساس بأنه يستطيع ما لا يستطيعه الآخرون، قادر على أن يقول الحق، وكان شجاعا، ومطلعا. وأضاف: «تركي له جانب اجتماعي تميز به، لديه إحساس بحالة الناس، وكان يعبر عن حاجاتهم، وكان كثير من العاملين في صحيفة الرياض يعملون احتراما للسديري، فقد كان صحفيا، قديرا، وجريئا، وجميلا». قينان الغامدي قال: «تعرفت على تركي السديري عن قرب في الرياض حين عملت في مكتب عكاظ، واقتربت منه كثيرا، فهو مهموم بالقارئ، وثقافة الجيل، ولم أره إلا وفي يده كتاب. فكان يحدثنا عن كتب يقرأها ولم تصل إلى الساحة السعودية، والسبب في ذلك رحلاته المتعددة إلى لندن وبيروت والقاهرة، فهو دائم البحث عن الكتاب المتميز، أينما كان، إضافة إلى نجاحه في ترتيب جهاز متميز في الصحيفة، لدرجة أنه أصبح مطمئنا لمسيرة العمل في الصحيفة حتى لو غاب عنها. وكان يدير صحيفته من الخارج». وتطرق الغامدي للحديث عن مصطفى إدريس بالقول: «يشترك مع السديري في ميزة واحدة، وهي معانقة الكتاب، فهما متميزان في اختيار الكتب والشباب، واستفدت منه كثيرا حين بدأت عملي في صحيفة «عكاظ»، واستمر نحو 18 عاما، وكان مصطفى نجما في هذه المرحلة، ومهنيا رفيعا، وفي ذات الوقت كان مزاجيا كبيرا. فقد قدم الكثير للصحيفة، ولكن بإدارة حكيمة، ومتابعة شفيفة من الدكتور هاشم عبده هاشم، الذي تحمل مزاجية مصطفى وأعطى مقابلها مصطفى أفضل ما لديه في الصحيفة (عكاظ) التي هي مكانه الأول، وظل فيها إلى ما قبل سنوات وجيزة، ثم تزاملنا في الوطن لأشهر قليلة، وهنا أود أن أشير إلى أنه عانى طويلا مع المرض رغم عدم تخلي الدولة عنه، وأرسل للعلاج في أمريكا، لكنه عانى بشكل كبير قرابة 6 أعوام، ولهذا اعتبرنا فكرة تكريم الرموز فكرة ممتازة، رغم وجودها في هيئة الصحفيين من أول دورة».