استضافت صحيفة «عكاظ» مساء أمس الأول الخميس عددًا كبيرًا من رؤساء تحرير الصحف المحلية (الورقية والإلكترونية) والمثقفين والفنانين؛ وذلك لتكريم فقيد الصحافة الكبير الأستاذ تركي بن عبدالله السديري رئيس تحرير الزميلة «الرياض» بمناسبة مرور عام على وفاته -رحمه الله-، وتزامنًا مع يوم حرية الصحافة العالمية. وعُقدت بهذه المناسبة ندوة صحفية، شارك فيها كل من رئيس هيئة الصحفيين السعوديين رئيس جمعية الصحافة الخليجية رئيس تحرير هذه الصحيفة خالد بن حمد المالك، ورئيس تحرير «عكاظ» السابق الدكتور هاشم عبده هاشم، ورئيس تحرير مجلة اقرأ السابق الدكتور عبدالله مناع، ورئيس تحرير صحيفة البلاد والوطن والشرق سابقًا قينان الغامدي، وسط حضور كبير استحقه فقيد الصحافة. «الذيابي: لماذا نكرِّم تركي؟ في بداية الحفل تحدث الزميل جميل الذيابي رئيس تحرير «عكاظ» قائلاً: إن الأستاذ تركي بن عبدالله السديري رمز كبير من رموز الصحافة العربية، في وقت كانت فيه الصحافة تخطو في أولى مدارجها بخطوات ضعيفة، ولاسيما في بلادنا. وأضاف: إن المملكة وهي تشهد لحظات تاريخية مهمة فإنها لا بد أن تضع هؤلاء الرموز في كل مجال من مجالات الحياة في مكانها الطبيعي. وأوضح أن الصحيفة أرادت بهذا الحفل أن تجسد معنى الوفاء لهؤلاء الرجال الذين وضعوا خلاصة تجاربهم في خدمة الوطن. ونوه بمزايا السديري وصفاته، وقدم للحضور فيلمًا يجسد تلك المعاني، ويصور مساهمات السديري في خدمة القارئ السعودي والعربي على حد سواء. «هاشم»: السديري رجل مستنير ومؤثر وعندما بدأت الندوة دُعي الزميل هاشم عبده هاشم للحديث فقال: هناك مزايا كثيرة اجتمعت في الفقيد الغالي؛ فجعلته يشكل مرحلة مهمة في تاريخ الصحافة السعودية، ويتجاوزها إلى الحضور الإعلامي الكبير. وأضاف: إن من يعرفون تركي السديري منذ دخل إلى رحاب الصحافة قبل أكثر من أربعين عامًا محررًا رياضيًّا, تدرج بعدها إلى أن أصبح رئيسًا لتحرير صحيفة «الرياض», يعرفون فيه شخصًا مثقفًا، وصاحب رؤية مستقبلية ثاقبة. وهو شخصية بسيطة رغم علاقاته الواسعة من القمة إلى القاعدة. كما أنه قيادة إدارية ناجحة، وفرت أسباب النجاح لصحيفته، وصنعت من حوله جيلاً من العاملين الأكفاء في ممارسة المهنة. وأضاف الزميل هاشم قائلاً: لكن الصفة الأبرز في شخصية الفقيد الغالي أنه صاحب فكر مستنير، ودفع بصحيفته في هذا الاتجاه في وقت كان فيه هذا التوجه مجرد مغامرة، وقد اتُّهم بسببه بما ليس فيه، واعتُبر في نظر البعض خارجًا عن المألوف, وتوقف بسببه عن العمل لولا وقفة أصحاب القرار معه. وقال إن تركي دفع ثمنًا غاليًا من صحته؛ ليظل محافظًا على مواقفه وسياساته في تمكين المجتمع من الانفتاح. وكان ذلك سببًا في نجاح صحيفته واتساع شهرته أيضًا. «المالك»: خلافاتنا مهنية بحتة بعد ذلك تحدث الأستاذ خالد المالك فنوه برفيق دربه وبمسيرته الإعلامية الطويلة, ودورها في تحقيق النجاح لمؤسسته وصحيفته. وقال رئيس هيئة الصحفيين السعوديين والخليجيين ورئيس تحرير هذه الصحيفة: إن الخلاف بيننا وبين «الرياض» كان خلافًا مهنيًّا، ولم يكن شخصيًّا؛ بدليل أن علاقتنا الشخصية ظلت قوية حتى اللحظة الأخيرة. وأشار الأستاذ المالك إلى أنه قام بزيارة المرحوم في منزله قبل أسبوع من وفاته، وأمضى معه وقتًا من الزمن, وأحس بمعاناته مع المرض، وأدرك أنه يمر بظروف صعبة رغم تحسنه. وأبان أنه فوجئ بوفاته بعد ذلك؛ وحزن كثيرًا؛ لأنه كان رفيق عمر, بدءًا بزمالتهما محررَيْن رياضيَّيْن، وانتهاء بعملهما رئيسَي تحرير. وقال إن تركي حقق الكثير من المكاسب لمؤسسة اليمامة وصحيفة الرياض, سواء على المستوى المادي أو المستوى البشري؛ وذلك ما جعله وجعلها في مواجهة منافسة قوية مع هذه الصحيفة في إطار المهنة. «المناع»: ما فائدة التكريم بعد الوفاة؟! وتحدث بعد ذلك الدكتور عبدالله مناع قائلاً: إن الصحافة السعودية مرت بظروف صعبة كثيرة, وإن تركي واجه من المتاعب فيها كما واجه الآخرون أيضًا. وأشار إلى أن على مجتمعنا أن يكرم رجاله في حياتهم، وليس بعد مماتهم; حتى يشعروا بأن الجميع معهم, ويساعدهم ذلك على الصمود في عمليات البناء والتشييد التي تستهدفها الأوطان. منوهًا بجهود السديري في هذا المجال. «قينان»: بصمة تركي واضحة اتفق الأستاذ قينان الغامدي مع الدكتور المناع في أهمية وضرورة تكريم الرموز في حياتهم، وليس بعد مماتهم، وقال إن الأستاذ تركي السديري - رحمه الله - قدم الكثير لهذا الوطن، وإنه كان يستحق الكثير مقابل مواقفه وسياساته المهنية المتميزة. وتحدث قينان الغامدي عن أوجه المعاناة في طريق المهنة، وقال إنها كبيرة، وتضحياتها عالية, لكن محبة الناس وتقديرهم للعاملين في الصحافة، مثل تركي السديري، تخفف كثيرًا من تلك المعاناة. وتحدث الغامدي عن فقيد الصحافة أيضًا مصطفى إدريس, نائب رئيس تحرير «عكاظ»، قائلاً: مصطفى إدريس يشترك مع تركي السديري في اختيار الكتّاب، وتدريب الشباب وتبنيهم مهنيًّا. وأضاف: إن إدريس كان نجمًا مهنيًّا رفيعًا. تكريم ومشاركة بعد ذلك تقدم الأستاذ خالد المالك رئيس هيئة الصحفيين السعوديين والخليجيين والأستاذ جميل الذيابي لتقديم هدايا رمزية، بدأت بتكريم أبناء الراحل تركي السديري, ثم تكريم المشاركين في الندوة بحكم إسهامهم في صناعة الكلمة والفكر في هذه البلاد. وكان قد حضر هذا الحفل ابن الفقيد الباحث والخبير المالي مازن السديري الذي عبَّر عن شكره للزميلة «عكاظ»، وللمساهمين في الندوة، وكذلك للحضور على مشاركتهم الوجدانية. وقد حظي باهتمام وتقدير جميع الحضور, له ولوالده على ما قدم وأعطى لهذا الوطن.