في وقت تئن فيه منطقة عسير من وطأة الإهمال، والأخطاء الطبية، والنقص الحاد في الأجهزة والمعدات، وتأخير بعض المشاريع الصحية الحيوية، التي لا يزال الأهالي والسكان في أمسّ الحاجة لخدماتها، لتوفر عليهم عناء السفر إلى المناطق الرئيسية بحثا عن العلاج في المستشفيات المتقدمة، تأتي زيارة وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة للمنطقة اليوم الخميس، التي لا تزال تعيش حالة من التعاطف مع الضحية «تغريد»، بعدما فارقت الحياة بعد وضعها مولودها، ومازالت نتائج التحقيق لم تعلن حتى أمس (الأربعاء). وما يثير تخوف الأهالي، صدور عدد من التقارير التي تشير إلى تواضع أداء الخدمات المقدمة، من بينها تقرير صادر من وزارة الصحة، يشير إلى أن منطقة عسير تحتل ذيل قائمة مناطق المملكة في توفر الأدوية بنسبة 17٪، بينما في المناطق الأخرى تراوح النسب بين 86٪ و100٪، إضافة للمشكلات السابقة التي تعاني منها المنطقة من مشاريع صحية متعثرة، بدايةً من المدينة الطبية والمستشفى الجامعي، وليس انتهاءً عند قلة الأسرّة والتطعيمات في ظل اعتبار مستشفى عسير كمدينة طبية تستقبل جميع الأهالي في المنطقة الجنوبية من كافة المراكز والمحافظات. وقد أثار تدني مستوى الخدمات الصحية بعسير استياء كثير من المواطنين، الذين وجهوا نداءاتهم إلى وزير الصحة بضرورة معالجة الوضع المتردي. وقالوا لإن الصحة تحتاج إلى من يستعيد عافيتها. وخلافا لما تعانيه مستشفيات عسير المركزي، وخميس مشيط العام، والنماص العام، وأخرى لا حصر لها، عرض عدد من أهالي محافظة أحد رفيدة مطالبهم الصحية أمام وزير الصحة. وقال كل من محمد الشواطي وعلي فهد وعبدالكريم لجهر ومحمد مستور ل«عكاظ»، إن المحافظة بحاجة ماسة إلى مركز للكلى، ومركز لطب الأسنان، وبرج طبي في فناء المستشفى الجديد، يحتوي على مركز للقلب والأورام. وأضافوا بأن الخدمة الصحية تحتاج إلى الدعم بإضافة مراكز رعاية صحية؛ لأن الحالية لا تكفي؛ إذ لا توجد في الأجزاء الغربية والجنوبية والشرقية من المحافظة مراكز صحية، رغم المطالبات التي ظلت حبيسة الأدراج منذ سنوات عديدة. وقالوا إن مبنى المستشفى الجديد يحتاج إلى افتتاح عدد من الأقسام التي يفتقدها، علاوة على دعمه بالأجهزة الطبية المناسبة والكادر الطبي من استشاريين وفنيين في جميع التخصصات، إذ يعتبر صرحا طبيا كبيرا سيدعم القطاع الصحي في المحافظة. وأشاروا إلى أن أيا من الخدمات الضرورية لا تتوفر على أرض الواقع، رغم أنها حاجة ملحة وضرورية، نظرا لما تشهده المحافظة ومراكزها الإدارية من نمو سكاني يتجاوز 120 ألف نسمة. وأكدوا أن مطالبهم لاتزال حبيسة الأدراج. ويتساءلون: «إلى متى؟!». بارق.. مطالب ال 55 عاماً من جهتهم، يحلم أهالي محافظة بارق التابعة لمنطقة عسير، بمستشفى عام يخدم سكانها البالغ عددهم نحو 70 ألف نسمة، ويتساءلون عن الأسباب التي دعت إلى عدم تنفيذ المشروع، بالرغم من تبرع الأهالي بأرض لهذه الغاية تبلغ مساحتها نحو 50 ألف متر مربع، وصدور قرار صحة عسير بإدراج المستشفى ضمن مشاريع خطة التنمية الخمسية الثامنة وضمن مشاريع موازنة العام المالي 1425/1426ه. وأول مطالب الأهالي يتمثل في استحداث مستشفى، وكان عن طريق الشيخ عبدالله زعبان شيخ شمل بارق عام 1385ه، عندما كان الدكتور يوسف الهاجري وزيرا للصحة. وزادوا الأهالي، أن أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد وافق على طلب الأهالي بإنشاء المستشفى، وقالوا: «لا نعلم من المتسبب في إعاقة هذا المشروع المهم، رغم إدراجه في ميزانية 1425/1426ه». وأكدوا حاجة سكان محافظة بارق للمستشفى، خاصة مع الزيادة المطردة للسكان، والتي تقابلها زيادة في أعداد المرضى وحالات الولادة، فضلا عن ضحايا الحوادث المرورية المستمرة على الطريق الدولي، الذي يربط اليمن بالمنطقة الغربية ويقطع بارق. وقال عبدالله البارقي، إن محافظة بارق تقع على طريق دولي مهم، وهناك ارتفاع في نسبة الوفيات والإصابات جراء الحوادث المرورية، مما يستلزم وجود مستشفى. وأضاف «غالبا ما يحول مستشفى المجاردة العام عددا من الحالات إلى مستشفى عسيربأبها، والذي يبعد هو الآخر أكثر من 100 كم»، مشيرا إلى تجهيز ثلاثة مواقع بمساحات كبيرة من قبل الأهالي وتم مسحها والعمل على تهيئتها، ولم تتحرك الجهات المختصة -على حد قوله-، وطالب البارقي المسؤولين بسرعة إنشاء مستشفى حتى يكون سببا بعد الله في إنقاذ أرواح الكثير من المرضى وكبار السن. مستشفى صمخ.. الحلم ولم يشفع لمركز صمخ 90 كم جنوب محافظة بيشة، افتتاح أول مركز يتبع لمحافظة بيشة عام 1437، ولا موقعه الجغرافي، ولا الكثافة السكانية والحركة المرورية، ولا حتى وجود الأرض المملوكة لوزارة الصحة في إيجاد مستشفى يواجه متطلبات السكان الصحية؛ إذ مازال سكان المركز يطالبون منذ 32 عاما باعتماد مستشفى عام، ليقدم الخدمات الصحية المختلفة لسكان المركز وقراه والمراكز المجاورة، وعابري طريق بيشةخميس مشيط. وانتهى مسلسل المطالبات الذي جال مكاتب الوزارة والشؤون الصحية في منطقة عسير ومحافظة بيشة بدون اعتماده أو إدراجه من ضمن مشاريع الوزارة. ويقول المواطن عبدالله الواهبي: «حين نصبت وزارة الصحة لوحة اعتماد أرض لإنشاء المستشفى في مركز صمخ عام 1409 عاش الأهالي أحلاماً كبيرة، وبثت في نفوسهم الأمل، بإنهاء آلامهم مع حالة السفر التي يعيشونها بحثا عن العلاج في مناطق المملكة المختلفة، إلا أن تفاؤلهم لم يكن في محله، بعد أن تبين لهم أن المشروع لم يكن سوى لوحة أرض تتجدد بتعاقب السنين بسبب عوامل التعرية. وأشار الواهبي إلى معاناة الأهالي بتزايد مصابي حوادث السير على طريق بيشة - خميس مشيط يوميا؛ إذ إن غالبيتهم يفارقون الحياة، وهم في الطريق، لتلقي العلاج في بيشة، أو خميس مشيط. مطالبا ببناء صرح طبي متكامل، ليسهم في علاج المرضى وإسعاف كثير من المصابين، وإنقاذهم من الموت. وتساءل محمد الشهراني عن ما أسماه صمت الشؤون الصحية في منطقة عسير عن تأخر اعتماد مستشفى صمخ العام، أو إدراجه ضمن مشاريع المنطقة، وقال إن أمير منطقة عسير وجه الشؤون الصحية بمنطقة عسير بخطاب (تحتفظ «عكاظ» بصورة منه)، ضمن توصيات مجلس المنطقة في جلسته الثانية من الدورة الثالثة والمنعقدة بتاريخ 25 / 10 / 1429، إذ أوصى المجلس بالإجماع على طلب مزيد من الدعم في سرعة إنشاء وتجهيز مستشفى مركز صمخ المقترح في خطة التنمية الثامنة، لكثافة السكان وبعد المركز عن محافظة بيشة، إضافة إلى كونه على الطريق الرئيسي الذي تكثر فيه الحوادث. مضيفا أن مجلس منطقة عسير أكد على رفع مستوى مركز الرعاية الصحية الأولية بالمركز إلى مركز مرجعي مع الاهتمام بالمستشفى الجديد المزمع إنشاؤه في المركز، إلا أن الشؤون الصحية في عسير لم تفعّل توصيات مجلس المنطقة. مطالبات سكان «الخضراء» ومازال سكان قرى الخضراء بمركز صمخ جنوببيشة يطالبون منذ عدة سنوات باستكمال مشروع المركز الصحي المتعثر، بعد أن توقف العمل فيه بسبب انسحاب المقاول، وطالب الأهالي وزارة الصحة بسرعة إنجاز المشروع وتوفير كافة الخدمات الصحية اللازمة من كوادر طبية وتمريضية، أملا في تلقي العلاج في موقع قريب من منازلهم واختصار بعد المسافات لطلب العلاج في مواقع أخرى. وأوضح محمد الحسيني، أنه ومنذ 26 سنة وهم يطالبون بإنشاء مبنى للمركز الصحي. مبينا أنه صدر صك باسم المركز من المحكمة الشرعية عام 1412ه ولم يتم تنفيذ المشروع إلا منذ 5 سنوات. مضيفا أن وزارة الصحة اختارت مقاولا ليس لديه الإمكانية لتنفيذ المشروع، إذ سحب منه المشروع بعد عدة أشهر من التنفيذ تاركا خلفه حديد التسليح دون حماية من الصدأ وحفر خزانات على أعماق تصل إلى 10 أمتار، مكشوفة أمام المارة والأطفال، في ظل غياب وسائل السلامة المطلوبة، أو التنبيه بما يهدد حياتهم وينذر بوقوع كارثة، خاصة أن المشروع مجاور لمدرسة الخضراء الابتدائية. مضيفا: أن صحة بيشة سحبت المشروع من المقاول المتعثر ولم يتم تسليمه إلى مقاول حتى الآن بعد تقديم الأهالي العديد من الشكاوى من تأخر تنفيذ المشروع. من جانبه، قال سعيد البسام أن مبنى المركز الصحي الحالي مستأجر ويخدم أكثر من 13 قرية، ويعاني من نقص في الخدمات ولا يوجد فيه سوى طبيب واحد وممرضتين وإداري وسائق فقط. لافتا إلى أن كبار السن يعانون من الذهاب إلى المراكز الصحية في المحافظات المجاورة لطلب العلاج.