خمسة أشهر مرت منذ اكتشاف أن تغير مياه بحيرة السمكة في أبحر لا يعود إلى الصدأ الذي أصاب السمكة وينذر بتآكل حديدها وخسارة جدة لواحدة من أجمل مجسماتها الجمالية، خمسة أشهر مرت على اكتشاف أن ما غيّر لون البحيرة، التي تتوسط طريق الكورنيش، ليس سوى الازدهار الطحلبي، والذي هو عبارة عن نوع سام من الطحالب يشكل رذاذه خطرا على مرتادي الكورنيش، مما استدعى دعوة عاجلة لمعالجة الوضع حماية لمرتادي الكورنيش من خطر يكمن في تلك البحيرة وسمكتها الجميلة. خمسة أشهر ولا تزال الاجتماعات والمشاورات والمطاولات بين الأجهزة والوزارات تجري على قدم وساق، ولا زال ذلك الطحلب السام مزدهرا في البحيرة ينشر رذاذه على العابرين ويمد لسانه لمن يفكرون في معالجته. آخر أخبار تلك الاجتماعات، الاجتماع الذي نشرت «عكاظ» خبره يوم أمس، وضم ثلاث جهات حكومية هي أمانة جدة، جامعة الملك عبد العزيز، وهيئة الأرصاد، وغاية ما يهدف إليه ذلك الاجتماع الخروج بتوصيات في كيفية التعامل مع ذلك الطحلب وإعادة تأهيل البحيرة. وإذا ما علمنا أنها ليست المرة الأولى التي تعاني فيها البحيرات من هذه الظاهرة التي تتمثل في الازدهار الطحلبي فإن لنا أن نرى أن الجهة أو الجهات المسؤولة عن هذه البحيرات لا تستفيد من تجاربها، وأنها تعالج كل مرة تحدث فيها الظاهرة باعتبارها حادثة أولى تستدعي الاجتماعات والتوصيات وتحتاج إلى التأني والانتظار على أمل الوصول إلى حل، وذلك ما حدث في بحيرة الأربعين وكلف عشرات الملايين لتنظيفها، وحدث في البحيرة التي تقع قرب مجسم السنابل في الكورنيش، ولم تجد الأمانة حلا غير التخلص منها بدفنها. وقد كان الأولى أن تتم الاستفادة من تلك الدروس في منع حدوث التلوث ومعالجة البحيرات للحيلولة دون ذلك لو أن تلك الجهات تحرص على الاستفادة من تجاربها وتحرص في الوقت نفسه على حماية المواطنين من الخطر الذي يتهددهم بسبب ذلك التلوث.