«باقي لكم 13 دقيقة في المقابلة، عندكم نقاط أخرى؟» نظرنا إلى بَعضنا بدهشة، نائب وزير الصحة فهد الجلاجل بعد ساعتين إلا 13 دقيقة لا يريد ترك الاجتماع مع مسؤولي المستشفيات الخاصة بعدما تحدثنا تقريبا عن كل ما نواجهه من عقبات داخل وخارج الوزارة ٬ كأن لنا في ذمته ساعتين بالكمال والتمام ولا يريد أن يبخسنا حقنا في ما تبقى حتى لو كان 13 دقيقة. عادة ما يشعر المواطن أو المستثمر أن المسؤول يريد التخلص منه في أسرع وقت، هذا إذا قابله أصلاً. أما أن تتاح للمسؤول فرصة ذهبية لإنهاء اجتماع طويل قبل موعده ويتنازل عن هذه الفرصة الذهبية فهو شيء غريب بصراحة. ثم لا يكتفي بذلك ليأتي الجلاجل ويطلب أن يحضر اجتماع مع القطاع في موعد لمسؤول في وزارة أخرى لدعم مطالب القطاع ! هذا أمر مبهج وفي نفس الوقت غريب ! نحن لسنا في السويد أو النرويج بل نحن في السعودية 2030 يا سادة، أو على الأقل في صورة من صور الأمل والتفاؤل لمستقبل مشرق قادم. لا أخفيكم سراً التحول الذي تمر به البلد، به الكثير من التحديات لم يكن سهلا على الكثير من القطاعات ومنها القطاع الصحي إذا أضيف إلى قائمة التحديات السابقة التي يمر بها هذا القطاع من قبل. ولكن ما يثلج الصدر وما يمنحنا جميعا الأمل في غد أفضل هو مثل هذا المسؤول الرفيع، الذي يُشعر المواطن بأهميته وأنه موجود لخدمته، فعلاً وليس قولاً. في ساعتين تحدث فهد الجلاجل نائب وزير الصحة وتحدث وكيل الوزارة المساعد للاستثمار الدكتور فياض دندشي، عن حلول وبرامج فعلية لتسهيل الإجراءات التي يتم تطبيقها فعلاً وليس وعودا وأمنيات. ليختم الجلاجل حديثه بقوله «سنعرض على قطاع المستشفيات اليوم برنامج «صحة» للحصول على التراخيص اللازمة لفتح المستشفيات والمستوصفات وغيرها من المنشآت الصحية». والجميع بصوت واحد «متى سيتم تطبيقه يا معالي النائب؟ فقال من اليوم ! وجار التنسيق مع الدفاع المدني والبلديات ووزارة العمل ومجلس التخصصات الصحية لتقديم طلب التراخيص في 90 ثانية، ثم الإصدار الفعلي في أيام معدودة»! علامات التعجب الكثيرة في المقال مصدرها إحساس المواطن أو المستثمر الذي يتعامل مع الجهات الحكومية بوحدة زمنية مختلفة تماماً، المعتاد شهور وسنوات وليس أيّاما وثواني. هناك مستشفى شهير في جدة انتهى إنشاؤه وظل ينتظر أمام أعيننا جميعاً دخول الكهرباء وموافقات الدفاع المدني والجهات الأخرى سنوات عجافا. إصدار تراخيص مستشفى جديد حسب دراسة إحدى الغرف التجارية يستغرق 7 سنوات ووزارة الصحة تتوقع أنه يتم خلال سنتين. ونطلب ونحلم أن يكون 6 أشهر، ومرة أخرى يدهشنا الجلاجل ويقول لا بد أن يكون أقل من 6 أشهر! هذا مسؤول يعمل ولا ينتظر جزاءً ولا شكوراً، ويعلم أن ضخ استثمارات في شرايين الوطن وتحفيز المستثمرين الوطنيين للعمل يعني خلق وظائف جديدة للمواطنين، وخدمات أفضل، واقتصاد أقوى. هل هذا هو الحال في أغلب العاملين في وزارة الصحة والوزارات الأخرى، ومنها وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة العمل؟ ندعو الله أن نرى في كل قطاع «جلاجل آخر». hazem.zagzoug@