مقابلة أي مستثمر لوزير ما، أو مسؤول لا تمتد لوقت طويل، ولا يسترسل الحديث وربما لا يتسم بالصراحة التامة، وغالبا ما تكون مقتضبة في مكتب المسؤول، بعد انتظار طويل، وتكون فيها الابتسامات مصطنعة ومتكلفة، ويشعر المستثمر أن مشكلاته عادة خارج إطار اهتمام ذلك المسؤول، وأنه يستمع إليه تأدية واجب فقط، أما أن يدعو الوزير قادة القطاع الصحي الخاص لمقابلته في ورشة عمل، في لقاء مفتوح صريح خارج أروقة مكاتب الوزارة، فهو أمر غير مسبوق، وأن يمتد اللقاء لساعات طويلة وبنفوس مفتوحة فهو أيضا غير مسبوق، وربما آن لنا أن نتباهى بأن لدينا وزراء فوق العادة، وأننا مهمون لدى مسؤولينا وأن دورنا في القطاع الخاص في السعودية 2030 مهم، كان للدكتور فياض دندشي وكيل الوزارة للاستثمار، ونائب الوزير المهندس فهد الجلاجل الفضل في تنظيم لقاء مفتوح امتد لسبع ساعات مع وزير الصحة توفيق الربيعة، وباقي قيادات وزارات الصحة، الاجتماع حضره أكثر من 40 من أهم قادة القطاع الصحي الخاص، استمتعنا بسعة صدر المسؤولين في وزارة الدكتور الربيعة ومدى رغبتهم في بناء صناعة صحية سعودية تمتد للعالمية، لم تكن هناك صحافة أو مصورون ولم يكن الحديث بغرض الظهور الإعلامي أو للاستهلاك المحلي، وللأسف طلب منا عدم التصوير، بل وجدنا رغبة صادقة من القلب للإصلاح والتقدم والتطور من كل فريق الوزارة وأولهم الوزير. أن يقول لنا هذا الوزير الخلوق، إن المرحلة الحالية لا بد أن تكون بها أخطاء، بل ويعتذر عن أخطاء مسؤولين في وزارته ويطلب منا أن نبلغه بأي مشكلة تواجهنا فهذا شيء فوق العادة، استمع لنا باهتمام وكان جميع المسؤولين مبتسمين متفائلين، ويقدرون مشكلاتنا ويحاولون قدر جهدهم حلها، ووعدنا بأن ما هو آت أفضل وأن التغيير صعب وأننا في أول الطريق، وأن لنا دورا مهما في عملية التغيير والتحول. تحدثنا عن مخاوفنا من الخصخصة وأن مقدمي الخدمات الصحية في السعودية هم الأفضل إقليميا، وأن تواجد شركات تشغيل أجنبية، لا بد أن يكون في إطار شراكة ونقل خبرات لمقدمي الخدمات الوطنيين، وقلنا صراحة نخشى منافسة غير عادلة ناتجة عن عملية الخصخصة وأن مقدمي الخدمات الوطنيين هم رأسمال للبلد كما هو في كل دول العالم ولا بد من دعمها، تحدثنا عما نعانيه من احتكار من بعض شركات التأمين الطبي للسوق، وضرورة أن يستثمر صندوق الاستثمارات العامة في شركات تأمين طيبة فهم أولى من الشركات الأجنبية بسوقنا، وتحدثنا عن طول الإجراءات في وزارة الصحة، والجهات الحكومية الأخرى. وكان كريماً في أن تعهد بأن يمثلنا في التحدث مع الجهات الحكومية خارج وزارته، والعمل على حل مشكلاتنا معهم. التعامل الحكومي مع الشركات الوطنية كان دائماً من منطلق رقابي سلطوي لا مجال فيه للحوار أو التفاهم أو تفهم لمشكلات هذه الشركات في نفس الوزارة. لكن أن تصل المسألة بأن يقوم المسؤول بحل مشكلات الشركات في جهات حكومية أخرى، فهو أمر غير مسبوق تماماً! هل بعد ورشة العمل مع الوزير حلت مشكلاتنا أو اختفت مخاطر التحول 2020؟ أبداً، كل ما سبق لا يعني أن مشكلاتنا حلت أو أن مخاوفنا تبددت، ما زال شبح الخصخصة يطاردنا ونتطلع بشوق إلى التحول الوطني 2020، وما زالت تكاليف الرسوم وأسعار الكهرباء الجديدة وممارسات شركات التأمين الطبي المحتكرة تقض مضاجعنا وتهدد مستشفياتنا، وعياداتنا. بل تولدت لدينا مشكلة جديدة، وهي ارتفاع سقف التوقعات من الوزير والوزارة والشؤون الصحية في المحافظات، أعانهم الله على توقعاتنا. ولكن على الأقل نشعر أن لنا وزارة تتفهم مشكلاتنا وتعي أهمية دورنا. [email protected]