عندما تسأل الكثير من المستشفيات والمستوصفات المتوسطة والصغيرة عن احتكار بعض شركات التأمين لسوق الخدمات الصحية، تجد أنهم يتحدثون بمرارة ليس عن الاحتكار نفسه ولكن عن سوء التعامل والتكبر واللامبالاة من قبل هذه الشركات. أسس التفاوض بين المستشفيات والمستوصفات من ناحية وشركات التأمين من ناحية، ليست الأرقام والحقائق بل من يستطيع أن يضغط على من؟ من يستطيع أن يكسر أنف من؟ وهو سلوك مؤسف جداً ولا يليق ببلادنا وأبنائها، ومستقبلها. وعندما تبحث عن سبب هذا التكبر واللامبالاة من قبل شركات التأمين المحتكرة بعضها ذات استثمار حكومي. تجد أنهم لا يقومون ببذل أي جهد علمي أو عملي لتقصي الحقيقية أو لإعطاء كل ذي حق حقه. بل بالعكس هم يشتكون ليلاً ونهاراً من الجميع، يشتكون من شركات التأمين الصغيرة والمتوسطة التي أفلسوها ويقولون لا يحتاجها السوق. يشتكون من المواطن ومن سوء استخدامه لكروت التأمين. ويشتكون من المستشفيات والمستوصفات ومن الخدمات الزائدة التي يقومون بعملها للمرضى. ثم نجد أنهم يقومون بلا أي جهد حقيقي باستخدام حصتهم السوقية المحتكرة للضغط على الجميع وظلم الجميع. يظلمون المريض بدايةً بتحديد شبكات التغطية بشكل يعجز عنه المريض من الوصول إلى الخدمة، خصوصا للمرضى إصحاب الشبكات المنخفضة. ثم إذا وصل المريض إلى الخدمة تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة حجب الخدمات. حجب الخدمات عنه برفضها قبل أداء الخدمات أو بتحميل شركته أو هو شخصياً بعض التكاليف بعد أداء الخدمة. وتظلم صاحب العمل بعدم إعطائه بتقرير خسائر ومكاسب وثيقة التأمين حتى لا يذهب إلى شركة أخرى، أو أن تقوم بإعطائه تقرير خسائر بأسعار الفواتير قبل الخصم الذي تحصل عليه من المستشفيات أيضا لكي لا يذهب لشركة أخرى. وهناك أيضا تحميل العميل بغير حق تكاليف إضافية بالإضافة إلى سعر وثائق التأمين. ويظلم المستشفيات الصغيرة والمتوسطة والمستوصفات بإملاء أسعار منخفضة وغير عادلة. ثم خصومات ومرفوضات إضافية. هل الظلم والجهل وأكل حقوق الناس هو وسيلة شركات التأمين الوحيدة للنجاة من الإفلاس الذي يضرب قطاع شركات التأمين؟ سوء التعامل والتكبر واللامبالاة وأكل حقوق الناس ذنوب كبيرة والاحتكار لا يقل عنها. ثم نقول لشركة التأمين المحتكرة «هل الحصول على الجوائز بأفضل شركات التأمين واعتماد مؤسسات التقييم المالي بأفضل ملاءة مالية هو الأهم؟ أم إعطاء المرضى وأصحاب الأعمال والمستشفيات والمستوصفات حقوقهم أهم؟» hazem.zagzoug@