برهن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على قدرته الفائقة في الإقناع والتأثير، ليس فقط في المحيط الداخلي والعربي، بل العالمي أيضا، وذلك من خلال خطابه الشفاف والصريح ولغته السهلة الممتنعة، والمباشرة لاسيما أنه صاحب إرادة صلبة، واتخذ قرارات حازمة وجريئة، ولديه رؤية واعية للوطن حاضره ومستقبله من خلال تبنيه رؤية 2030، التي تنقل المملكة إلى فضاء عالمي جديد. يتمتع الأمير الشاب بشخصية ذات كاريزما عالية ظهرت أمس للرأي العام العالمي، كما برزت قدرته في التأثير والإقناع، من خلال الحوار مع المذيعة الشهيرة نورا أودونيل، مقدمة برنامج 60 دقيقة على شبكة CBS الأمريكية، إذ بدا واضحاً إرادة الأمير محمد بن سلمان القوية وقراءته الشاملة للأوضاع وإلمامه التام بكل الظروف التي تمر بها المنطقة، فضلا عن رؤيته حيال الوطن على امتداد رقعته وتنوع مقدراته ومشكلاته. الأمير محمد بن سلمان كان هادئا وهو يرد على أسئلة المذيعة متحدثا عن مسيرة التحول والمتغيرات السعودية الهائلة. ولم يتجنب الإجابة على أي سؤال، وبدا فائق الثقة ذا فكر رفيع، ومباشرا جدا في إجاباته. ودارت محاور الحديث عن العلاقة السعودية الأمريكية وملف إيران، إضافة إلى الحديث عن حملة مكافحة الفساد الأخيرة، كما تطرق اللقاء إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة. ولي العهد الذي بدأ اليوم زيارة للولايات المتحدةالأمريكية هي الأولى له منذ تقلده هذا المنصب، سيلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وعددا من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، كما يعقد لقاءات مهمة مع مسؤولي الشركات الكبرى هناك، من بينها «قوقل وفيسبوك». وفيما أكد الأمير محمد بن سلمان أن السعودية تعد الحليف الرئيسي للولايات المتحدة منذ 80 عاماً وهي أكبر دولة مصدّرة للنفط، جاء الحوار في مجمله متنوعا، ولكن الأبرز كان حديثه عن شخصيته وحياته الخاصة، خصوصا عندما أكد أن حياته لم تتغير كثيراً عن ما كانت عليه قبل 10 أو 20 سنة، منوهاً إلى أنه شخص غني ومن عائلة حاكمة وليس غاندي أو مانديلا. وفضّل الأمير عدم الحديث كثيراً عن حياته الشخصية، قائلاً: «حياتي الخاصة أحاول أن أحتفظ بها لنفسي»، ومبينا أنه ينفق كثيراً من أمواله على الجمعيات الخيرية. لم يحاول الأمير الشاب إخفاء شيء لأنه ليس لديه أصلا ما يخفيه، كما أنه يريد أن يوصل للعالم الحقيقة. ولي العهد الذي يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة وفضّل أن يتحدث في الحوار باللغة العربية، قال إنه تعلم الإنجليزية من مشاهدة الأفلام أثناء طفولته، وأن 70% من المواطنين الذين يقل عمرهم عن 35 عاما كانوا يفعلون مثله. وكعادته في وضع النقاط على الحروف قال «إن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو أن يؤمن الناس بما يقوم به»، مضيفاً أنه «في المملكة جيل شاب وفر له ما يلزم من صحة وتعليم». الصحفية الأمريكية نورا أودونيل، التي أجرت الحوار مع الأمير محمد بن سلمان وصفته بأنه أقوى قائد عربي على مدى جيل كامل. وإذا حاولنا قراءة الحوار في جوانبه السياسية، فإن الأمير محمد بن سلمان تحدث عن الأسباب والأهداف الحقيقية لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من تفجيرات 11 سبتمبر، إذ قال «إن بن لادن خطط لإحداث شرخ بين السعودية والولايات المتحدة، من خلال هجمات 11 سبتمبر» ونوه قائلا: «كنا نعيش حياة طبيعية جدا مثل بقية دول الخليج، كانت النساء تقدن السيارات.. كان هناك دور السينما في المملكة، والنساء يعملن في كل مكان». أما عن الإصلاحات الاجتماعية وتحديدا بخصوص المرأة السعودية، أكد أنه ليس هناك فرق بين المرأة والرجل، مشيراً إلى أن «قوانين الشريعة واضحة، فليس هناك نصّ يوجب على المرأة لبس العباءة السوداء». الملف الإيراني حظي باهتمام خاص في الحوار؛ إذ اتهم محمد بن سلمان إيران بإيواء عناصر من تنظيم القاعدة، «واصفا خامنئي بهتلر الشرق الأوسط، لأنه يريد التوسع ويرغب في إنشاء مشروع خاص به في الشرق الأوسط يشبه إلى حد كبير هتلر الذي أراد التوسع في ذلك الوقت». وفي ما يتعلق بالإخوان المسلمين تعهد ولي العهد بالقضاء الكامل على ما تبقى من فكر عناصر الجماعة الذي غزا المدارس السعودية. هذا هو ولي العهد.. عندما يتحدث محمد بن سلمان.. العالم ينصت..