يسعى العالم اليوم إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال التطوير والاستثمار في إحدى ركائزها كتحقيق العدل والمساواة بين الجنسين، فقد وجد أن نسبة عدد المناصب القيادية في العالم التي يشغلها النساء في العالم لا تتجاوز 6٪، ويعمل العالم اليوم إلى رفع تلك النسبة إلى 35%. ومع توجه العالم نحو الاستدامة أصبح تمكين المرأة من المناصب القيادية هدفا عالميا يتأرجح ما بين مؤيد ومعارض، وبات موضوعا مهما وخصبا للمناقشة في مجال التنمية والاقتصاد والسياسة، فالوضع الاقتصادي والتنموي في المملكة يعكس مدى ما تتمتع به المرأة السعودية من استقلال وحرية في السيطرة والاستغلال للموارد والأصول والدخل الخاص بها، بما يمنحها القدرة على إدارة المخاطر والقدرة على تحسين وضعها الاقتصادي. فعلى سبيل المثال يعتبر حق المرأة في تملك وتداول العقارات أحد الأمثلة الحية لتمكين المرأة اقتصاديا، وتمتعها بالثقة واستقلال الذمة المالية في ظل أنظمة الشريعة الإسلامية، فالحق في تملك وتداول العقارات يهب المرأة نوعا من قوة الائتمان المالي والذي يؤثر بشكل كبير وفعال على قدرتها التفاوضية، وفي المقابل يكسبها القدرة على إثبات نفسها في مختلف جوانب حياتها بشكل عام والاقتصاد والتنمية بشكل خاص. فالسلطة النقدية أو الائتمان المالي المتحقق من خلال مساواتها مع الرجل في استقلال الذمة المالية والتصرفات يحققان لها قدرا عاليا من الاحترام والثقة في تعاملاتها ويجعلها أكثر قدرة على المساهمة في وضع حلول لقضاياها وقضايا مجتمعها. وثبت عالميا أن وجود المرأة كعنصر فعال ومساهم في المجتمع له آثار إيجابية واسعة النطاق، ففي دراسة أجراها (بينا أغروال) بجامعة دلهي أعطيت المرأة مركزا قياديا في مجموعة لحفظ الغابات، وقد نتج عن ذلك زيادة كفاءة وفاعلية وتأثير المجموعة، فاكتسبت النساء ثقة بأنفسهن، كما أظهر الرجال احتراما أكبر لعمل ومشاركة المرأة. ومن الوسائل التي تحقق مبدأ تمكين المرأة، الائتمانات الصغيرة والتمويل، ودعمت حكومة السعودية ذلك من خلال ما تقدمه من دعم مالي للمرأة وشجعتها على العمل في مجال الأعمال التجارية والمجتمعية، الأمر الذي أتاح لها القيام بدورها في تطوير وتنمية مجتمعها المحلي. إذ مكن ذلك الدعم من خلال القروض المنخفضة الفائدة المرأة السعودية من بدء أعمال تجارية صغيرة ومكنها من خفض مستوى البطالة ومكنها من معاونة أبناء الوطن في الوفاء باحتياجاتهم واحتياجات أسرهم، لكن من المؤكد أنه ينبغي أن نلتفت إلى أمر بالغ الأهمية: وهو أن نجاح وكفاءة الائتمانات الصغيرة والقروض الصغيرة يحتاج إلى دعم متواصل في بداياته لاسيما في ظل التكاليف والأعباء المستحدثة وغير المتوقعة، الأمر الذي يحتاج إلى لفتة كريمة من المسؤولين وأصحاب القرار ويحتاج لمراجعة شاملة للوائح والأنظمة التي تقف حاجزا أمام نجاح تلك الفئات.