لأول مرة على غير العادة في جادة «سوق عكاظ»، عاش زوار ربيع الطائف تحت أصوات بارود فن «التعشير»، مساء أمس الأول (الخميس)، وحرصوا على متابعة أداء هذا الموروث الشعبي الذي اشتهر به الحجاز عموما، ولا تخطئ أعينهم مهارات العارضين لهذه الرقصات بدءا من قرع طبولها حتى قيام العارض بالارتقاء بقدميه إلى السماء ممسكا بسلاحه «المقمع» وفوهته للأسفل، وقبل وصوله الأرض تكون ضغطة الزناد ليتحول البارود والمكان إلى لهب ودوي كالمدافع. ويتميز منفذو هذه الرقصات بالبنية الجسمانية الرشيقة، واللياقة العالية، وتتنوع وتتوزع فيها الأدوار ما بين قارعي الطبول والرقصات ومؤدي التعشير وتوحيد الزي التراثي، وتعيد الروايات اكتشاف هذا الفن وتعدد أساليبه قديما؛ إذ كانت تستخدم الطبول لبث الحماس في الجند قبل خوض المعارك وتنتهي بها تعبيرا عن الفرح والانتصار. وتستخدم في الوقت الحالي في المناسبات والأعياد والأفراح، ويتطلب من المصورين احترافية عالية وجهدا مضنيا لدقة التقاطها. التقت «عكاظ» مع عدد من الهواة أمس الأول في «سوق عكاظ»، بينهم المصور فهد الشنبري الذي أشار أنه يعيش لحظات عصيبة وطقوسا يملأها الحماس والفرح وهو يراقب متى تحين أمامه اللحظة السريعة لضغط «فلاش» كاميرته وتوثيقها بدقة عالية، لافتا إلى أنه لأول مرة تحتضن جادة السوق هذا الموروث الشعبي الجميل. وطبقاً للمهتمين بهذا الفن، فإن أداءه يمر بخطوات تدريبية للشباب في كيفية الإمساك بالسلاح بقوة ومهارة، وحشوه جيدا بالبارود من الأمام بمقدار معين، ثم دكّه ب «المدكاك» أو «المشحان» لتأتي بعدها خطوة التدريب على الارتقاء الصاروخي للسماء ثم النزول مجمعا بقدميه وضغط الزناد، ويصاحب هذا الفن أهازيج شعبية في الطائف تعرف بفن «الرجز» تحت قرع الطبول، وينشد الشعراء خلالها قصائدهم المتنوعة في أغراض الشعر، مثل: الفخر والاعتزاز. ودعا زوار للاهتمام بهذا الفن أكثر، وأن يكون حاضرا في جادة السوق خلال مهرجانه التاريخي كل عام، إلى جانب عروض الإبل والخيول التي تسيطر على مجريات الجادة اليومية.