وكعادتي سأمرُّ في دربي على جثثِ النفاياتِ القديمةِ والجديدةِ واختلاطِ عناصر الفضَلاتِ حين تكدَّست في المعمل البشريِّ سوف أمرُّ منتبهاً إلى الأشياءِ كيفَ تدفَّقت منها العفونةُ ثم أسألها: أتُشبهكِ الحياةُ؟ سأمرُّ في دربي وينهشني نباحٌ مرهَقٌ كخُطايَ.. ليسَ يُخيفني هذا النباحُ المستفيقُ على سكونِ الليلِ إنَّ مسامعي تشتاقُ من زمنٍ إلى هذا النُباحِ وذلك الكلبِ الشريدِ الضامرِ المهزولِ يرمقني بنظرتهِ الودودةِ ثم يخبرني عن اليومِ الطويلِ عن انحسارِ الظلِّ في قيِظ الظهيرةِ عن لُهاثِ الأرضِ من ظمأِ الحميمِ عن الرياحِ.. تصُكُّ آذانَ المدى المنسلِّ من غضبِ الجحيمِ وعن صديقٍ لي.. يقاسمه الغنائمَ في النفايةِ أو فُتاتِ الظِلِّ عن أثرِ الجراحةِ فوقَ جبهتهِ التي يصطادها الولدُ الشقيُ وعن مسلسلِ يومه الدامي وعن أشياءَ أكثر ثم يرمقني بنظرته البريئةِ. أيها الكلبُ الجميلُ اليائسُ الخطواتِ يا كلبَ المدينةِ أيها المفتونُ بالأضواءِ تُمطرها النُيونُ على عيونكَ يا صديقَ العالمِ المتحضِّر الفاني ويا متوجساً أبداً من الأبواقِ والأسفلتِ في الطرقِ السريعةِ.. سوفَ تدهسُكَ الشوارعُ ثم تُنسى.. أنت مثلي أيها الكلبُ المشردُ إنني عارٍ حزينٌ خائفٌ متوجِّسٌ أعتادُ غربةَ هذه الأرضِ العقيمةِ مرحباً بك يا صديقي. * شاعر مقيم في مكة المكرمة