هناك حالة بكاء واستبكاء مَرَضية يحاول أن يرسخها المرجفون وخلايا الشر الإلكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي بعضها تقع في سياق حروب الجيل الرابع لتثوير الرأي العام السعودي بهدف إشاعة أجواء من عدم الثقة وهز علاقة المجتمع ببعضه وبالدولة وقيادتها وتخويف الحكومة والناس من المستقبل الذي ينتظرهم سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو حتى الأخلاقي للدرجة التي يسعى فيها هذا الفكر الخبيث إلى التشكيك في أي مشروع نهضوي أو قرار حكومي سياسياً أو اقتصادياً أو أخلاقياً.. والبعض الآخر يقع في سياق سميته «جماعة قفا نبك» وهي جماعة تخاف التغيير ولا تستوعب أن نكون كأي مجتمع طبيعي، فهم دائماً متمسكون بالبكاء على «الأطلال» ولم يستوعبوا بعد أن عجلة الزمان لن تعود ! بالرغم من أنهم إذا ذهبوا إلى عواصم عربية وإسلامية كانوا أكثر انفتاحاً وأعظم إشادة بتجارب الدول المجاورة ! وهم متعددون في المشارب والأهداف، فمنهم من يبحث عن سلطة فقدها بعد أن حكمتهم في رقاب الناس ردحاً من الزمان، ومنهم بريء ساذج تسيطر عليه الفكرة الجزئية فتعميه عن رؤية الفكرة الكلية والصورة بشكلها الأعم.. ولا يتصور أحد أني لا أطالب بنقد الظواهر الاجتماعية وما يطرأ عنها من سلبيات وإيجابيات، بل أجزم أن هذا مطلوب من جهة تحدي الآراء وتعدد وجهات النظر كأمر حيوي تجاه أي ظاهرة اجتماعية أو مبادرة أو مشروع أو برنامج، وليس التشكيك والتخويف والتخوين والبكاء والاستبكاء والبحث عن الشعرة البيضاء في الشعر الأسود ثم الادعاء أنها تمثل اللون الغالب على الرأس ! وسواء كان البعض يدرك أو لا يدرك أنه ينضوي ضمن مشروع تخريبي تعد التفاصيل والأحداث اليومية الصغيرة في الشأن السعودي مجالاً خصباً له لإشاعة أجواء من السلبية والتشكيك تجاه المجتمع والحكومة والنظام.. لأن الانتقائية التي يمارسها هؤلاء واقتناص أي حالة فردية فيها خروج عن الآداب العامة انتقائية ساذجة وممجوجة تمارس من قبل أناس مؤهلين للبكاء والاستبكاء والنواح وتضخيم أي حدث يقع في أي زمان ومكان، وكأن ما على الأرض ملائكة يمشون عليها وليسوا بشراً يصيبون ويخطئون حتى ولو كان الأنبياء بين ظهرانيهم.. في الأسبوع الماضي وقعت 3 حالات فردية، إحداها في شارع الفن في أبها، وأخريان عرضيتان في الواجهة البحرية الجديدة في جدة، وبغض النظر عن تفاصيل هذه الحوادث فقد تعاملت معها الجهات المسؤولة مباشرة، لكن البكائين المستبكين لم يرضهم أن الجهات المسؤولة باشرت مهماتها، وأن هذه الحوادث التي قد يكون فيها خروج عن الآداب العامة للمجتمع هي في الأصل حوادث جزئية وطبيعية بالنظر إلى الأعداد المليونية التي ارتادت كورنيش جدة على سبيل المثال، فالقصة لم ولن تنتهي عند هؤلاء إلا بعد أن يشيعوا جواً من السلبية وكأن المجتمع في بلادنا تحول إلى مجتمع بوهيمي لا أخلاق ولا دين ولا نظام يردعه عن ممارسة نزواته.. الحل في نظر هؤلاء المستبكين ليس إشاعة النظام وبناء مواد قانونية تحفظ الحريات العامة للأفراد والجماعات وتحددها، بل هو في اقتناص هذه الحالة وتعميمها للإساءة للدولة والنظام والمجتمع والغمز من قناتهم وتحميلهم مسؤولية أي تصرف فردي حتى ولو مثلت نسبته واحدا في المليون، ولا بأس عند هؤلاء القوم من ذرف دموع التماسيح بكاءً وغيرة على الدين والأخلاق، ثم محاولة إثارة الرأي العام ضد الحكومة باعتبارها بزعمهم مسؤولة عن تصرفات الأفراد، لا الأفراد مسؤولون أمامها عن تصرفاتهم !! dr_maas1010@