دأبت المملكة وعلى مر العصور على نهج سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ما لم يطلب منها ذلك، بحكم مكانتها الإسلامية، وثقلها السياسي، وقوتها الاقتصادية، ولما لها من محبة وتقدير في نفوس شعوب العالم المحبة للعدل والسلام كافة، وهذا ما لم يرق لبعض الدول والقوى في المنطقة، التي فشلت في لعب أدوار تعزّز التعاون المشترك في مواجهة التحديات، التي تشكل خطرا على الإسلام والمسلمين، فلجأت إلى تشكيل تحالفات لدعم الإرهاب، لتمزيق الأمة، وزرع الفرقة، في محاولة دنيئة للتغطية على فشلها في تلبية متطلبات شعوبها، التي بدأت انتفاضة حقيقية تعكس واقع الظلم والجور، الذي تتعرض له من حكام هذه الدول. وتعكس النبرة الإعلامية التركية المراهقة، وهي تقحم اسم المملكة في ما ادعته عن محاولة انقلابية في الدوحة، وفي المقابل النفي القطري وتكذيب الرواية التركية من أساسها، والتهديد بمقاضاة كل من افتعلها، حالة من التخبط في السياسة التركية، التي كشفت عن وجهها القبيح وهي تبحث عن تحالفات وهمية، مع دول تدرك أن أنقرة ستتخلى عنها بمجرد الحصول على حليف أفضل، وهذا ما يعكس سياسة الإخوان المسلمين، الذين يقفزون على الحقائق، بالكذب والدجل، في سبيل تحقيق مصالحهم الآنية، التي أثبتت الأيام أنها لا تدوم، ولا تقاوم، ولا تصمد أمام السياسات التي تراعي سيادة الدول، ومصالح الشعوب. ولعل ما ذهبت إليه وسائل إعلام تركية، واتهامها للمملكة زورا وبهتانا بمحاولة تدبير الانقلاب في قطر، والنفي الذي جاء من الدوحة نفسها، يؤكد أن أنقرة بدأت فعليا تلعب دور الوصي على دويلة الحمدين، وتتحدث باسم نظامها، باعتبارها «دويلة»، عليها أن تدفع ثمن هذا النفي غاليا، باعتبار أنها خرجت عن طوعها، وعاندت سياستها، ولعل الأيام القليلة القادمة تكشف حقيقة الانصياع والخنوع القطري للسياسة التركية، التي لا تزال تتخبط فاقدة ثقة دول وشعوب العالم كافة. وعلى الإعلام التركي الإخواني، إن كان يبحث عن الحقيقة التي ستصيبه في مقتل، وليدرك مدى نجاعة السياسة السعودية، وحرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، أن يعيد حساباته، ويتذكر أن التدخل السعودي في اليمن ضمن تحالف دولي، ورغم الشريط الحدودي بين الدولتين، الذي يتجاوز 1800 كيلومتر، لم يأت إلا بطلب من الحكومة اليمنية الشرعية، وأن لا هدف له إلا إعادة الشرعية، وتخليص الشعب اليمني من الميليشيات الانقلابية التي تتلقى الدعم العسكري والمادي من دول لا يجرؤ الإعلام التركي على التطرق لها أو تناولها، باعتبار هذه الدول، وفي مقدمتها إيران، تشكل خطرا على حكم أردوغان المهزوز، الذي جاء تدخله في قطر، وهو يعلم أن دولته جسم غريب زرع في جسد منظومة خليجية ستلفظه قريبا. وليعلم الأتراك، الذين لا يزالون يمارسون خربشاتهم، أن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي لم ولن تتخلى عن قطر كدولة شقيقة، عندما تعود إلى جادة الصواب، وتلبي المطالب المحقة، وتتخلى عن دعم الإرهاب الإخواني، الذي تعد تركيا جزءاً أصيلاً منه، وعندها سيتم استئصال الورم «الخبيث»، المتمثل في إيرانوتركيا والمرتزقة من الإخوان المسلمين، وتعود العافية للجسد الخليجي، ويعود الغزاة «المستأجَرون» إلى حيث أتوا. إلى الإعلام الإخواني التركي.. هل فهمتم الفرق بين «الشقيق» المتمثل في دول الخليج وموقفها من قطر حكومة وشعبا، و«المستأجَر» المتمثل في تركياوإيران؟، الذي سيُمنح تأشيرة خروج، ولكن من دون عودة.