أكد مختصون ان التدخل التركي في الازمة الخليجية الحالية سيؤثر مستقبلا على علاقاتها بكبرى دول المنطقة وعلى رأسها المملكة. واضافوا في تصريحات ل«اليوم»: ان وقوف تركيا على الحياد هو الحل الأسلم لها ويحافظ على علاقاتها مع مجمل دول المنطقة، وعبروا عن استغرابهم من سرعة مصادقة البرلمان التركي على نشر نحو 5 آلاف جندي تركي في قطر، وعبروا عن أملهم ان تكف تركيا عن هذا المسلك الذي لا يخلف سوى مزيد من التوترات في المنطقة. وقال د. محمد مدني إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقوم بمغامرة سياسية لا تحمد عقباها، معتبرا أن انحياز تركيالقطر في ظل الازمة الحالية قد يورطها ويتسبب في ضرب مصالحها مع دول الخليج. وأضاف د. مدني: بات من المُسلَّم به أنَّ أكثر دولتين داعمتين لجماعة الإخوان المسلمين، هما قطروتركيا، وهناك تقدُّم لتركيا في مستوى علاقتها ودعمِهَا لهذه الجماعة، حيث تقدم الدَّعمين المعنويّ والسياسيّ كاملين، مشيرا الى ان الدعم الكامل للإخوان يُثيرُ الأسئلة، وجعل الإعلاميين يتسابقون في انتقاد أردوغان ونظامه بسبب موقفه. وبطبيعة الحال لا يبدو موقف تركيا مبررًا في دعم الإخوان في دولة أخرى، واستقبالهم استقبالًا دائمًا، وعندما أعلنت قطر - بسبب الضغوطات الخليجية عليها- تسريحها لقيادات الإخوان المقيمين بها أعلنت تركيا أنها على استعداد كامل لاستقبالهم، حيث ستضع هذه المغامرات التركية العلاقات الخليجية التركية في مهب الريح. وأبان د. مدني: في الواقع لقد جعل أردوغان انطلاقا من طموحاته العثمانية الجامحة من تركيا سفينة لا تعرف الإبحار إلى أين وكيف، فهو تارة يريد تركيا دولة قائدة للعالم الإسلامي، ومرة يريدها جسرا بين الشرق والغرب، وثالثة تابعة للغرب وأداة لسياسته، ورابعة منفذة لإقامة الشرق الأوسط الأمريكي، وفي كل هذا انهيار للمصداقية في الداخل وتوتر مع الجيران، ولاسيما مع الدولة الإقليمية الكبرى في المنطقة والتي لها استراتيجية مختلفة عن المشروع التركي الإقليمي الذي بدا بعد ما جرى في مصر وكأنه سقط تحت وقع الأوهام والطموحات الجامحة. واشار الى ان هذه المغامرات، ومنها موقفه من الازمة القطرية يعكس تخبطا واضحا في سياسة تركيا مع الدول الاخرى. ودعا د. مدني أنقرة الى التزام الحياد في الأزمة القطرية، وعدم التدخل في شؤون دول الخليج، والبعد الكامل عن دعم الإخوان المسلمين، والتي تصنفها المملكة كمنظمة ارهابية، مؤكدا ان العبث السياسي التركي سيحرق الرئيس التركي أولا قبل أن يصل للآخرين. من جانبه قال د. ناصر القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية: أحسب ان الخطوة التي أقدمت عليها تركيا، خطوة متعجلة، من شأنها تعكير الاجواء اكثر من تنقيتها، مبينا أن دولة قطر ارتكبت أخطاء فادحة في حق السعودية، وهي هنا مطالبة بتصحيح مسارها ان ارادت العودة الى البيت الخليجي، وأضاف: ليس من المصلحة الاستقواء بقوات خارجية. وزاد: يتوجب على تركيا عدم التدخل في الشأن الخليجي، وان تترك القضية في اطار البيت الخليجي، حتى تستجيب الدوحة للشروط التي تبرهن من خلالها أنها تخلت عن ايران والجماعات الارهابية، معبرا عن استغرابه من سرعة تصويت البرلمان التركي على نشر نحو 5 آلاف جندي في قطر. من ناحيته أكد المحكم الدولي والمستشار القانوني علي بن محمد القريشي أن مواقف البرلمان التركي على مشروع قانون يتيح نشر قوات تركية في قاعدة عسكرية بدولة قطر، يعني مؤشرا خطيرا في تطورات الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط. وأبان: عادة ما اتسمت العلاقات التركية السعودية بالتوتر منذ صعود حزب العدالة والتنمية، الى سدة الحكم في أنقرة، قبل أن يصل التوتر ذروته في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، حيث تأتي خطوة البرلمان التركي اليوم لتعيد التساؤلات حول طبيعة دور أنقرة في الأحداث المشتعلة في منطقة الخليج العربي، خاصة مع فرض كل من المملكة والإمارات والبحرين مقاطعة شاملة لقطر، وقطع كل خطوط النقل والتجارة برا وبحرا وجوا، في أخطر خطوة يشهدها مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه.