حين وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسمياً على قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس، إيذاناً بالاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، حينها لم يكن غضب إخواننا من عرب شمال الوطن العربي موجهاً إلى من وقع القرار ولا المستفيد منه أو من أيده فقط، بل كان الغضب موجهاً نحو المملكة العربية السعودية تحديداً وبشكل مكثف، وقد تفهمنا في بداية الأمر هذه «الشرهة» على المملكة، كونها ثقل العالم الإسلامي ومحورا مهما في السياسة العالمية، بل وبوصلة العالم العربي عند كل مشكلة والقلب الحنون لكل من التجأ إليها، ولكن فهمنا بدا خاطئاً، فمن حشدوا الرأي العام في فلسطين وغيرها وأحرقوا صور ملوكنا وأهانوا رموزنا وشتمونا بأقذع الألفاظ أنفسهم أصحاب شعار «بالكيماوي يا صدام من الخفجي للدمام»، الذين تمنوا لنا الإبادة كشعوب والإطاحة بأنظمتنا إبان غزو صدام حسين الغاشم للكويت عام 1990، وهم من وقف مع طاغية العراق ضد دول الخليج حين كانت مواقفهم تنضح غلاً وكراهية للخليج، وحين أيدوا الغزو وانقلبوا علينا بعد أن تورمت أوداجهم وحساباتهم البنكية من خيرات الخليج وبتروله، وقابلوا «طيبة» شعوبه وأهله ونقاءهم بالنكران والجحود! للمملكة العربية السعودية مواقف لا تنتظر أن يعترف بها عملاء إيران الصفوية، التي اتخذت القدس طريقاً لتمرير أجنداتها، وتنظيم الحمدين وأبواقه وتدليس قناة الجزيرة وقنوات الشر المشابهة لها في الهدف والمضمون بعداء المملكة، فمواقفنا يسطرها التاريخ في أنصع صفحاته، بدءاً بالمواقف السياسية البطولية والنبيلة الرافضة لأي قرارات أو معاهدات لا تخدم القضية الفلسطينية، والسعي الحثيث لإثارة القضية في كل محفل ومناسبة سياسية كانت أو دينية أو حتى اجتماعية؛ لأنها باختصار قضيتنا! وثق المؤرخ السعودي محمد بن ناصر الأسمري على صفحات «عكاظ» قبل يومين التضحيات الميدانية التي دفعها جنود هذا الوطن عام 1948 بأعداد تجاوزت ال3200 جندي سعودي، شاركوا في حروب عدة لتحرير فلسطين، بدءاً بمعركة بيت حانون وما تلاها من معارك وبطولات لهؤلاء البواسل، واستشهاد أكثر من 173 شهيدا، نعم هذه هي المملكة العربية السعودية بتضحياتها ومساعداتها وميزانياتها وتعميرها وتوظيفها للفلسطينيين وتقديمهم ومفاضلتهم على السعودي في كثير من المجالات، فكيف نحتمل هذا الكم من الإساءات والشتائم وحرق علمنا وصور قادتنا؟ ألسنا بشرا ولدينا كرامة وصبر مصيره النفاد؟ لماذا المزايدات على مواقفنا إزاء فلسطين، فصور القدس يا عرب الخيانات لم تسك فقط على عملاتنا وفي بيوتنا ومؤسساتنا، ولم نتخذها شعارات نستدر بها تأييدا أو تعاطفا أو قاعدة من المؤيدين المنافحين، كما تفعل بعض الدول.. القدس قضيتنا، ستجدها في تاريخنا ونضالنا ومواقفنا السياسية.. فهل يستطيع الحاقدون أن يجدوها في قلوبنا.. بالتأكيد لا، فمن يكره لا يستطيع أن يتلمس المحبة في سويداء القلب النقي... قلب السعودية النابض عروبة ونبل وشهامة! بقي أن أقول يا سادة.. وطننا غال جداً ولا يضاهيه قضية أو وطن، هو «قضيتنا» حين يتحالف الخونة بالإساءة له، ونحن جنوده حين تكون كلمة الحق رصاصة تخترق قلاع الكَذَبة، فوطننا أولاً وقبل كل شيء! hailahabdulah20@