في عطلة نهاية الأسبوع انتشرت صور لتزاحم جماهيري غير عادي في أحد المجمعات التجارية في الكويت، حول فتى سعودي أطلق أغنية عجيبة غريبة على موقع يوتيوب، حصدت أكثر من 30 مليون مشاهدة، حدث ذلك التجمهر في الوقت الذي تعيش فيه الكويت أحداثا سياسية مثيرة، من شأنها أن تحصد كل ذرة اهتمام، منها الدعوة للقمة الخليجية وصدور أحكام بسجن نواب سابقين وحاليين في قضية دخول مجلس الأمة، وكذلك الدعوة الاستثنائية لإقرار قوانين رياضية من أجل رفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية.. فأي معنى تحمله هذه الصور ؟!. هذه الصور القادمة من الكويت تتكرر يوميا في السعودية وفي بلدان أخرى، حيث يتواجد الجيل الجديد في منطقة أخرى بعيدة كل البعد عن العناوين الكبيرة التي نظنها محور الاهتمام الأول والأخير، حتى بتنا نظن أنهم يعيشون في عالم غير عالمنا. من السهل طبعا أن نتهم الجيل الجديد بالتفاهة والسطحية، فهذا ما فعلته الأجيال السابقة بِنَا، حين كان الآباء يضربون الأخماس بأسداس تحسرا على تفاهة أبنائهم، ولكن هذه الطريقة السهلة قد تكون السبب الأساسي في تعميق الفجوة بين الأجيال، حيث يحتال الجيل الأصغر كي يخفي اهتماماته عن الجيل الأكبر لعلمه المسبق أنه يحتقرها، وينتظر حتى يصبح في موقع القوة فيفرضها فرضا ويلغي كل ما يهم الجيل الأكبر، فلا يجد هذا الأخير سوى الانزواء والعزلة وترديد القصائد التي تبكي زمنا مضى. ترى ما الذي يجعلنا متأكدين بأننا أعلى ذوقا وأكثر فهما من هؤلاء الصغار ؟، ولماذا نظن أن العالم سوف يغرق في بحر التفاهة بمجرد رؤيتنا الزحام الفظيع حول صاحب أغنية الصامولي ؟.. ببساطة هم يعيشون عمرهم كما فعلنا ذات يوم.. وسيكبرون وسينسون مغامراتهم العبثية الصغيرة مثلما كبر غيرهم، وليس بالضرورة أبدا أن يغرقوا بالتفاهة بل على الأرجح سوف يفهمون العالم الجديد أكثر منا لأنهم تغلغلوا فيه وعرفوا أسراره، بينما اكتفينا نحن بالنقد الفوقي الذي لا يعادل سهولته شيء !. [email protected]