أزمة.. أزمة.. أزمة، كلمة ملعونة وبائسة أصبحت تطاردنا في كل مكان صباحاً ومساءً.. لفظ أصبح يتكرر وبإلحاح على ألسنة فئة غريبة من البشر.. أمسكت بزمام الاقتصاد ورقاب العباد يوماً وعاثت في «الأراضي فساداً»، أصابها الوهن والفزع بعد أن أدخلت الحكومة إلى القاموس السعودي الاقتصادي الكثير من المصطلحات غير مصطلح «أرض، مخطط»، فاختل توازنها وفقدت الرؤية.. فئة طغت مصالحها الشخصية على مصلحة الوطن فكشفت عن أوراقها ونواياها بوضوح.. ترسم صورة حالكة يلتف حولها رباط صنعت خيوطه من ضباب كثيف.. تبدل الحقائق وتبيع الوهم.. تفكر في كل شيء ما عدا الحقيقة والمستقبل.. أصبحت بعض هذه المخلوقات والتي تعيش في الماضي والتي لم تتغير أبداً في الحاضر تكرر لفظ «أزمة» مرات عديدة علنا نعتاده ونقبله ولا نعود نستغربه أو نندهش له أو نستنكره.. لقد تسلطت هذه الفئة بفكرها الكسول ولفترة تتجاوز نصف قرن على مقدرات وأحلام الشعب السعودي، فسيطرت على المشهد الاقتصادي بالكامل وأضعف ما فعلته أن صدرت مشهد الخوف والرعب في قلوب المستثمرين المبتكرين المبدعين، بحيث جعلت من قيمة الأرض الفلكية حجر عثرة أمام المستثمر، حيث وضعوا أيديهم على «أجود» أراضي البلاد الصالحة للاستثمار، وحولوا نصف السكان إلى مستأجرين لمبانيهم، بحيث أصبح تملك منزل متواضع لدى الشاب فكرة ومغامرة مجنونة أو خيارا جامحا أو تنبؤا لن يتحقق إلا في الأحلام.. عملية نهب منظمة حولوا فيها التراب إلى تبر، وأصبحوا من ملاك الطائرات الخاصة واليخوت والقصور والمزارع والفنادق والمستشفيات والاستراحات والمزارع، تحولوا فجأة كما «الرجل الأخضر» ذي عضلات ونفوذ مبالغ فيه.. بشر عاشوا لأنفسهم فقط، وهم من أدخلوا الاقتصاد السعودي في نفق مظلم وأزمة طاحنة نحاول الخروج منها، واحتكروا السيولة النقدية وهم المسؤولون عن حالة الانفلات الملحوظ في قيمة الأراضي والعقار.. فئة طموحها بلا سقف والجميع خلقوا لإسعادهم.. التحول الأخير في الفكر الاقتصادي وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء وضع هذه الفئة في ورطة وقلق وتوتر ورفض للواقع.. التجديد والغرس الاقتصادي المبتكر بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والذي بدأ بطرح ثمار مختلفة هو أمل هذه الأمة، ولن يصلح حالنا إلا إذا أمعنا النظر في ما نستطيع أن ننطلق به إلى عالم المستقبل.. المجددون في الاقتصاد هم المجددون في الحياة، تجدد الاقتصاد هو الحجر الذي يحرك جمود المياه الراكدة، وهو قمة الإحساس بالمسؤولية.. لقد قدم المجددون الأوائل للحياة أعمالا كثيرة لا تبتعد كثيراً عن ما تفعله حكومة المملكة العربية السعودية اليوم، فالخليفة عمر بن الخطاب كان على رأس المجددين الاقتصاديين ولا يغيب عن أحد قوله «إني تقلدت من أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير والجائع والمريض الضائع والعاري المجهول والمظلوم المقهور والغريب الأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال العقيل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي سألني عنهم يوم القيامة فخشيت ألا أتيت لي حجة فبكيت»، أصعب شيء في الحياة أن نكسر الصمت بالكلمات والأقسى من ذلك أن نكسر الكلمات بالصمت..! Fouad5azab@ [email protected]