«57 عاماً» شريحة لا بأس بها من العمر .. ولكن لماذا اختار هذا المرض اللعين الذي أصبح يخل بتوازن الرقاد العذب لدي هذا الوقت ليكمش على «زمارة رقبتي» هل أغراه الشيب الذي غزا رأسي والتجاعيد في زوايا عيني .. أم أن هذه الكرش المستديرة التي ما زالت تنتفخ في السنوات الأخيرة أغرته بذلك!! نظرت إلى المرآة في قفا الباب .. ليس هناك تغير كبير طرأ على مظهري على ما أعتقد .. ما زلت احتفظ بهيئة مقبولة .. لا أقول جميلة .. رغم أن العجوز المسنة والتي تقيم في السرير المجاور في الغرفة تدعي ذلك .. حاولت مسايرتها.. بل وأطبقت بكفي على يدها في حنان بالغ يبدو أنني في تلك اللحظة كنت قطرة من مطر تبحث عن أرض ما .. أتلفح بطقس الأمل .. عندما وصلت إلى الشارع العريض المؤدي إلى المستشفى أحسست بوحدة عجيبة وغضب عميق ظهرت عندي رغبة في تناول حصاة أصوبها نحو مصباح الشارع حيث كانت مئات البق تتراقص .. تذكرت أنني تجاوزت الخمسين بكثير فعدلت عن ذلك اكتفيت بضرب قوارير فارغة ملقاة في الطريق بحذائي الرياضي .. كانت فكرة البقاء في المستشفى كمريض تمزقني تخيلت أنني في عزلة من ذهب .. لأول مرة أفاضل بين الحرية والحياة بهذا الشكل .. كنت أتمدد على السرير وأفكر جدياً في أمور لم تخطر على بالي من قبل تخيلت كم سيكون الأمر قاسياً ورهيباً لو لم أكن مسلماً أؤمن بأن هناك حياة أخرى بعد الموت .. المرض أحياناً يضعك في عزلة قهرية تمنحك رؤية جديدة تتعدى التفكير بما تقدم من حياتك وما تأخر .. فرصة لمراجعة شاملة .. تفتح عينيك هناك فوق السرير على حقائق بديهية هل كان يجب أن أدخل المستشفى لأكتشف ما أكتشف.. الممرضات هنا جنود من عسل .. العجوز التي تقيم في السرير المجاور في الغرفة عجوز طيبة أمريكية من أصل روسي وضعوني في غرفة مشتركة وذلك لعدم توفر غرفة خاصة عند دخولي المستشفى.. كانت بجواري تلك العجوز ك «حمامة المعري» لا أعرف أن كانت تبكي أو تغني تقوم وتقعد ولا تكاد تتحرك تلمع سن ذهبية في فمها وتتحدث كالمطر الطائش وتغير القنوات التلفزيونية دون استئذان.. لم تكن الشمس قد أشرقت بعد عندما امتدت كف جندية من عسل موقظة أياي.. فركت عيني بظاهر كفي ورسمت ابتسامة كبيرة أدهشت صاحبة الكف التي كانت فوق رأسي فركت جبينها قبل أن تسحبني في الأصيص الحياتي «السرير» كان الانكسار هاجسا يحملني أصعب الأوقات أن تكون قدمك على حصاة والأخرى على فوهة مدفع وأن تصبح عاجزاً عن لمس أعضائك المتناثرة، همست لي العجوز الطيبة أنا متفائلة فسماء «كانسس ستي» تمتلئ اليوم بالسحب البيضاء تبسمت لها كطير ذابل أفقت اليوم التالي على ابتسامة ممرضة وصوت صديقي الحميم يستفسر عني، كانت بحة صوته ترد الصدر إلى الصدر ورطانة حكيم يزف لي نتائج مقلقة كان يتحدث كنورس مستبداً عن الخوف من دون خوف شعرت بنسمة باردة كحد الموسى وأنا أغادر المستشفى شممت فيها أفراح طفولتي أدرت بعد ذلك روحي من جديد لمواجهة حياة لا تكف عن شد أطرافنا، أسرح بين البشر وأنادي أول العتمة نور وآخر العتمة نور تمتد العتمة من نور إلى نور في موكب يحركه الخالق ونظرت إلى السماء علها تمنحني القوة من جديد لأجتاز شارعاً بلا نهاية أحمل الرماد على كتفي وأسير. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة