هكذا رد مدير علاقات المستشفيات في أكبر شركات التأمين التعاوني في المملكة على أحد المستشفيات الخاصة، وهو يطالبهم بالقبول ب1000 ريال، للمريض المؤمن عليه عند الشركة، في العناية المركزة، مقابل سعر السرير والرعاية التمريضية، وأجور الأطباء والأدوية والمستهلكات والغازات الطبية!، وهو أمر غير مقبول تماما، ولا يرقي لأي معايير طبية وسعرية أو حتى منطقية (متوسط السعر المعياري لوزارة الصحة 4000 ريال). وعندما سُئل كيف يمكن أن نقدم رعاية منطقية في العناية بهذا السعر، رد ببساطة «لا تدخلوا مرضانا الICU»، ومن ذلك الحوار يتبين أن هناك خللا في المنطقية التي تحكم علاقة شركات التأمين والمستشفيات، فكلاهما يعاني من انخفاض في الربحية وربما يواجه خطر الإفلاس، ولكن ليس بلا منطق أو علم، وليس باستعراض القوة يتم الحل، الكثير من الأسعار والخصومات للخدمات الصحية غير منطقية صعودا وهبوطا، وذلك يؤدي لأرباح خيالية للبعض وخسائر لآخرين، شركات ومقدمي خدمات. وكذلك وضع مقدمي الخدمة (مستشفيات ومستوصفات) -بغرض الضغط - في شبكات لا تتناسب في كثير من الأحيان مع حجم عملهم أو أسعارهم، ثم تأتي المخالصات مع الشركات لتحمل الكثير من المرفوضات التي تصل إلى 17% و20%. والمرفوضات هي خسائر إضافية للمستشفيات بعد أن تحصل الشركات على خصومات كبيرة، وللمرفوضات دعاوى وأسباب كثيرة. وفي السنوات الأخيرة أدى تجبر بعض الشركات إلى عدم ذكر أسباب للمرفوضات استهانةً برد فعل مقدمي الخدمة، وبعد كل هذا تؤخر الشركات دفع ما عليها شهوراً، لكسر رقبة المستشفيات والمستوصفات لقبول ما تريد، إذن هو منطق القوة وشريعة الغاب! ثم نسأل في ظل هذا الظلم البين لِم يقوم بعض المستشفيات والمستوصفات باستغلال شركات التأمين؟ وزيادة الفواتير المقدمة إليها؟ لا أحد يوافق على تجاوزات المستشفيات والمستوصفات خصوصا أن هناك من يقوم تحت ذريعة الظلم الحاصل بعمل تجاوزات غير مقبولة تماماً. ولكن نظام التأمين الهادف للربح غير الخاضع لرقابة بهذه الطريقة، لن يؤدي إلى مصلحة لأي من الطرفين، إضاعة الوقت والجهد من شركات التأمين والمستشفيات في مناورات غير لائقة لتحقيق معدلات ربحية أفضل، أو فقط للبقاء وعدم الإفلاس، أدت إلى إفساد منظومة التأمين الصحي، لا بد من أن يعمل الطرفان لإصلاح منظومة التأمين الصحي وبناء علاقة فيها الكثير من العقلانية والعدالة والثقة والاحترام! ونأمل تطوير نظام التأمين الصحي لوضع معايير عادلة في الأسعار والخصومات، وتوزيع مقدمي الخدمة على الشبكات بمعايير، والالتزام بالمدفوعات في وقتها، وتطبيق المعايير الطبية العالمية في المرفوضات، وأن تغرم المخطئ من الطرفين (وليس طرفا واحدا فقط). ببساطة نريد من مجلس الضمان تحقيق العدالة بالعلم والعقلانية ليساعد على بناء الثقة بين أطراف العلاقة التأمينية، ويوفر على الوطن الكثير والكثير من الهدر، وأن يمنع حرمان بعض المواطنين من خدمات حيوية مثل العناية المركزة؛ لأن التأمين لا يريد أن يدفع الرقم العادل لتقديم الخدمة، وأبشر المدير المذكور في أول المقال «إن احتاج المريض سوف ندخله العناية المركزة وإن لم تدفعوا»، ولا يضيع حق وراءه مطالب.