ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان، قليل الظهور الإعلامي، بل حضوره يعتبر نادرا، إذا صح التعبير، ولا يتحدث أيضا في المنتديات الداخلية أو الخارجية، لأنه يؤمن بأن أي ظهور يجب أن يرتبط بالإعلان عن حدوث اختراق إيجابي لمصلحة الشعب والدولة؛ وبشكل خاص خدمة القاعدة الشعبية ورفاهيتها ونقلها لمصاف الدول العالمية، فضلا عن كونه يؤمن بمبادئ مهمة في الإستراتيجية الإعلامية التي تتبنى فكره، لماذا يظهر في الإعلام، ومتى يظهر، وأين يظهر؟. والأكثر أهمية، ماذا سيقول محمد بن سلمان، خصوصا أنه يعتبر القوة الدافعة للاقتصاد السعودي، ومهندس الرؤية 2030 التي تعتبر تغييرا حقيقيا في قواعد اللعبة. والإعلام الغربي لا يتابع بكل اهتمام أي تصريح له فقط، بل يحلله أيضا. الظهور الإستراتيجي الإعلامي خلال ال48 ساعة الماضية لمحمد بن سلمان، كان حضورا ليس إستراتيجيا فقط، بل حمل رسائل عالمية وإقليمية وسعودية. في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار، تحدث عن السعودية الوسطية الجديدة، ودعمه للشباب السعودي، وتزامن هذا الحديث عن الإعلان عن مشروع نيوم الإستراتيجي الذي يعتبر إعادة تموضع للسعودية عالميا. محمد بن سلمان، تحدث فأوجز وخاطب نخبة رجال أعمال العالم فأبدع. الرياض خلال ال72 ساعة الماضية تحولت إلى دافوس عالمي من نوع آخر، وشارك أكثر من 2500 شخص من رجال الأعمال في العالم، جاءوا من أنحاء العالم لمعرفة كيفية تنويع السعودية لاقتصادها، وطي صفحة الاعتماد على النفط. رسالة مهمة حرص الأمير محمد بن سلمان إلى إيصالها مفادها: «نحن منفتحون أمام العالم»، محذراً المتشددين، ومتعهداً بتدمير «الأيديولوجيات المتطرفة» والعودة إلى الإسلام الأكثر اعتدالاً، وداعما للشباب الذي يراهن عليهم.. قائلا: «نريد أن نعيش حياة طبيعية، ليرمز ديننا وتقاليدنا إلى التسامح، حتى نتعايش مع العالم، ونكون جزءاً من تنميته». المستثمرون رحبوا بهذه الإصلاحات، والسعوديون صفقوا للأمير محمد بن سلمان، لأن هذه الإصلاحات تعيد السعودية للمسار الصحيح، وهي التزام حقيقي بالتسامح، والانتصار للشباب. وعندما تحدث الأمير في وكالة بلومبيرغ عن نيوم، وهي مدينة ضخمة بقيمة 500 مليار دولار، ستمتد عبر ثلاثة بلدان، كان حديثه شفافا مثل وضوحه في الطرح، إذ قال إن المدينة من خلال الطاقة المتجددة، ستستفيد أيضاً من تكنولوجيا القيادة الذاتية، وطائرات الركاب دون طيار. كما سيُقدم الإنترنت اللا سلكي عالي السرعة بشكل مجاني والذكاء الاصطناعي، وهذا سيصبح حقيقة، وبالتالي فإن هذه المدينة ستصبح صناعة أساسية لتحقيق رؤية 2030 الطموحة، إذ يتمثل الهدف بتنويع العائدات في البلاد، وإنهاء إدمان النفط، كما ستعمل المدينة على بناء علاقات أقوى مع الأردن ومصر، التي ستدرج أراضيها في المشروع. ظهور ولي العهد الإعلامي خلال ال48 ساعة كان الأكثر إطراء وتثمينا ورونقا وثراء في الداخل والخارج، وهو الذي يقود إصلاح الثقافة وتحفيز الاقتصاد، وترميم وتجديد معظم جوانب الحياة في المملكة، ومن الإصلاحات الاجتماعية التي شهدتها المملكة أخيراً السماح بقيادة المرأة للسيارة، وحجم الإصلاحات الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر للبلاد، ومن المؤكد أن التحول الاقتصادي يجب أن يتزامن مع تحول اجتماعي، وهو ما يرغب أمير الشباب فيه عبر تأسيس عقد اجتماعي جديد بين المواطن والدولة. هذه هي السعودية المتجددة التي تعتمد على الشباب باعتباره رهانا ناجحا.. السعودية المتجددة نحو عصر جديد... وسطية وتسامح ودعم للشاب.