فشلت مساعي دونالد ترمب لتقريب المواقف داخل حزبه الجمهوري بشكل مدوّ الثلاثاء عندما أعلن سناتور عدوله عن الترشح لولاية جديدة في الكونغرس بينما هاجم آخر الرئيس الأمريكي لاتهامه بالحط من مقام الدولة. وشن السناتور جيف فليك هجوما لاذعا على ترمب في كلمة أشبه بنداء استغاثة استغرقت 17 دقيقة وحذر فيها من "رئاسة متهورة"، وذلك بعد دقائق فقط على زيارة نادرة للرئيس لتناول العشاء مع أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ. وأتى إعلان فليك غير المتوقع حول عدوله عن الترشح لولاية تشريعية جديدة بعد ساعات على استئناف السناتور بوب كوركر حربه الكلامية مع الرئيس الذي قال انه قائد "غير صادق على الإطلاق" و"يحط من مقام الدولة". وزادت التطورات المفاجئة في الكونغرس من التوتر بين ترمب وحزبه، إذ يبدي عدد من كبار مسؤوليه قلقا متزايدا إزاء أسلوبه الفظ والعدائي في الحكم. وبدا التأثر على فليك المحافظ عند إعلانه انه لن يسعى إلى ولاية جديدة العام المقبل، وهو العضو في الكونغرس منذ العام 2013 والذي ينتقد سياسة ترمب بصورة صريحة. وقال فليك (54 عاما) من ولاية أريزونا "الهجمات الشخصية والتهديدات للحريات والمبادئ والمؤسسات والتجاهل السافر للحقيقة والكرامة ... يجب ألا نعتبر أيا من هذه الصفات المروعة في سياستنا الحالية على أنها طبيعية". وحذر فليك "علينا أن نتوقف عن الادعاء بان الانحطاط في السياسة وسلوك البعض في السلطة التنفيذية طبيعي"، مضيفا أن "السلوك المتهور والمشين وغير المحترم يتم تبريره بان الشخص يقول الأمور كما هي بينما هو في الواقع مجرد سلوك متهور ومشين وغير محترم". وندد فليك بتغريدات ترمب غير الخاضعة لأي رقابة وانتقد زملاءه الجمهوريين لان "التحالفات والاتفاقات التي تضمن الاستقرار في العالم تتعرض باستمرار لتهديدات من شخص ينحصر تفكيره ب140 حرفا" هو عدد الأحرف المسموح بها على تويتر. وتابع "السياسة التي تحملنا على الصمت عندما يفترض بنا أن نتكلم هي تواطؤ ولن أكون شريكا في الصمت". وكان من المفترض أن يكون يوم الثلاثاء يوم وحدة للحزب الجمهوري الذي يعاني غالبا من توتر العلاقات بين ترمب وأعضائه، إذ حضر الرئيس غداء الغالبية الجمهورية للمرة الأولى منذ تنصيبه من اجل الترويج لمشروعه الرامي إلى خفض الضرائب بنسبة كبيرة. إلا أن هذه الوحدة تبددت قبل وصوله حتى إذ تحول التركيز إلى حرب كلامية بين ترمب وكوركر رئيس لجنة الشؤون الخارجية النافذ الذي ندد بالتهور الخطير للرئيس وقال أن البيت الأبيض بات "دار حضانة للبالغين". وعندما طالب كوركر الرئيس الثلاثاء بعدم التدخل في النقاش حول الضرائب و"ترك المسألة للمختصين"، رد عليه ترمب بسلسلة من التغريدات كانت شرارة حرب كلامية بينهما. وكتب ترمب "بوب كوركر الذي ساعد الرئيس (أوباما) على التوصل الى الاتفاق الإيراني السيء وفشل في انتخابه مسؤولا عن جمع الكلاب الشاردة حتى في تينيسي يحارب اليوم تخفيض الضرائب". ورد عليه كوركر الذي كان عارض الاتفاق الإيراني إذ اعتبره ضعيفا "الأكاذيب نفسها من رئيس غير صادق على الإطلاق". وأضاف كوركر الذي لا يسعى للترشح العام القادم أمام صحافيين "لا اعلم لماذا يحط من مقامه إلى مثل هذا المستوى الوضيع ويحط من مقام بلدنا، لكنه يقوم بذلك". وفي الأسبوع الماضي، تعرض ترمب لانتقادات حادة من شخصيتين جمهوريتين هما الرئيس الأسبق جورج بوش الابن الذي قال أن "التعصب ازداد جرأة" في عهد ترمب، والسناتور جون ماكين بطل الحرب السابق الذي توبيخا قاسيا إلى أفكار ترمب وسياساته. وكشف خلاف ترمب مع كوركر مدى التوتر بين الرئيس وبعض الجمهوريين في الكونغرس الذي فشل هذا العام في تحقيق أي إنجاز جدير بالذكر. وسارع ماكين السناتور من أريزونا إلى الإشادة بكلمة فليك وخصوصا ب"شرفه" و"حسه الوطني". وقال "رأيت جيف فليك يدافع عما يؤمن به رغم علمه أن ذلك ينطوي على ثمن سياسي". وكان ترمب هاجم فليك في السابق بانه "ضعيف" و"غير مفيد"، كما سخر من قامة كوركر وقال انه "غير مؤهل". وعلقت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز على هجمات فليك وكوركر بان الناخبين لن يدعموهما على الأرجح اذا ترشحا مجددا. وقالت "اعتقد انه لم يكن من المرجح أن ينتخبا مجددا، وهذا دليل على أن الدعم هو لرئيسنا اكثر مما هو لهذين الشخصين". واعرب أعضاء جمهوريون وديموقراطيون على السواء عن أسفهم لرحيل فليك. وقال السناتور الديموقراطي براين شاتز "جيف فليك شخص جيد" و" اذا لم يكن يُعتبر جمهوريا بما فيه الكفاية فلست اعلم ماهية الحزب الجمهوري الحديث".