سواء كان سبب إلغاء الحفلة الغنائية الخيرية للمطربة شيرين عدم حصول منظميها على التراخيص اللازمة، أو العزوف عن شراء تذاكرها الباهظة الثمن، فإن مجرد الإعلان عنها وربطها بالعمل الخيري كان مستفزا لمجتمع اعتاد على نمط معين للعمل الخيري ! ففي مجتمعات كثيرة توظف الفنون والرياضة لصالح الأعمال الخيرية، ويسهم الموهوبون والمشهورون في جمع التبرعات لصالح الجمعيات غير الربحية المتخصصة في خدمة المجتمع، وتلبية احتياجات ومتطلبات بعض فئاته، لكن في مجتمعنا لم نعرف العمل الخيري في الغالب إلا من خلال قنوات ومسالك محددة، ارتبطت غالبا بالورعين دينيا والصالحين اجتماعيا، ورغم أن كثيرين ارتدوا ثياب الورع واعتمروا قبعة الصلاح لاستغلال رغبة الناس في اكتساب الأجر ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ولدغوا المجتمع من نفس الجحر مرة ومرتين وثلاثا، إلا أن ذلك لم يضعف ارتباط الناس بقوالب العمل الخيري في مجتمعنا الإسلامي ! هذا لا يعني أن مجتمعنا رفض الخروج من الصندوق التقليدي للعمل الخيري، فقد تقبل أفكارا عديدة كالمزادات الخيرية والأعمال التطوعية الخلاقة التي نجحت في المجتمعات الأخرى، لكن أن يقدم أحدهم له حفلة موسيقية لمطربة غنائية بتذاكر بلغت قيمتها أضعاف ما يدفعه الآخرون لنفس الحفلة ونفس المطربة في بلدان أخرى، فإن ذلك أضاء الضوء الأحمر الذي يضيئه عادة الارتياب من مرتدي ثياب الورع ومعتمري قبعات الصلاح ! من أهم أسباب نجاح جذب المتبرعين للعمل الخيري احترام ذكاء المتبرعين، وقبل ذلك احترام ثقافة مجتمعهم! K_Alsuliman@ [email protected]