لا يختلف اثنان على أهمية العلاقات السعودية الروسية، في المرحلة الحالية في مواصلة التنسيق لخدمة قضايا المنطقة والعالم، وازدادت هذه العلاقات رسوخاً ومتانة وقوة في الفترة الأخيرة خلال زيارات متعددة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو، مهّدت لمرحلة االشراكة السعودية الروسية متعددة الاتجاهات، وكانت لمشاركته في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي دلالات مهمة جداً، إذ جاءت في وقت تمر فيه المنطقة بأزمات عديدة، وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا تعزيزاً لعلاقات البلدين في ظل وجود توافق في الرؤى والمواقف بينهما للعمل معاً لمكافحة الإرهاب والتطرف، ومواجهة أي تحديات في المنطقة والعالم، ويسعيان للتسوية السلمية للأزمة السورية وفق أساس بيان جنيف، إضافة لتسوية قضية اليمن وفق قرار 2216، وتمثل هذه الزيارة التي تعد الأولى لملك سعودي لروسيا على مدى 90 عاما من تاريخ علاقات البلدين التي بدأت عام 1926 أهمية خاصة وستكون لها انعكاساتها في دعم علاقات إستراتيجية، وتطوير التعاون ليكون أكثر شمولية. وما ذكره الرئيس الروسي بوتين لدى استقباله ولي العهد أخيراً حول أهمية علاقة بلاده مع السعودية، وتأكيداته على أن موسكووالرياض تعملان معاً للتوصل لحل للأزمة السورية، تأتي لقناعته بالدور المهم للسعودية وتأثيرها الكبير في خدمة قضايا المنطقة والعالم، إضافة لدورها في تعزيز التعاون بين دول منظمة «أوبك» والدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة. وتأتي موافقة مجلس الوزراء أخيراً على التباحث مع الجانب الروسي بشأن توقيع ثلاث مذكرات تفاهم للتعاون العلمي الجيولوجي، والعمل والتنمية والحماية الاجتماعية وفي مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، في إطار اهتمام الرياض بتعزيز التعاون مع موسكو في شتى المجالات، إذ من المتوقع أن يتم توقيع المزيد من اتفاقات ومذكرات التفاهم بين البلدين في إطار حرصهما على دعم الشراكة بينهما في شتى المجالات. وشهدت العلاقات بين الرياضوموسكو التي تعود إلى 90 عاماً، زيارات لمسؤولي السعودية، ففي عام 1932 زار الأمير فيصل بن عبدالعزيز موسكو عندما كان وزير الدولة للشؤون الخارجية، ثم جمّدت العلاقات الثنائية عام 1938، وفي 1962 في عهدي الملك سعود وخروشوف، زار موسكو الأمير فهد بن فيصل الفرحان آل سعود لمدة 21 يوماً ولم تفض زيارته إلى إعادة العلاقات بين البلدين، وفي 1987 زار الأمير سعود الفيصل موسكو والتقى - آخر رئيس للاتحاد السوفيتي- غورباتشوف، بشأن نتائج القمة العربية في فاس وطلب الدعم السوفيتي، وفي 1990 تكررت زيارات الأمير سعود الفيصل لموسكو وكانت خاصة بشأن الموقف السوفيتي من احتلال العراق للكويت، حتى استأنفت العلاقات بين البلدين، وفي عامي 1990/ 1991 تم استئناف العلاقات بين البلدين وفق أسس ومبادئ ثابتة وعودة التمثيل الدبلوماسي، وكان الدكتور عبدالعزيز خوجة أول سفير سعودي في المرحلة الجديدة، وفي 1991 انهار الاتحاد السوفيتي وقامت روسيا الاتحادية وريثة له وكانت المملكة أول دولة تعترف بروسيا الجديدة واستمرت العلاقات بينهما، وفي 2004 زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز حينما كان ولياً للعهد موسكو في شهر سبتمبر، وكانت نقلة قوية في علاقات البلدين في مرحلة روسيا الاتحادية، وفي 2006 زار الملك سلمان بن عبدالعزيز موسكو حينما كان أميراً لمنطقة الرياض وعقد لقاء موسعاً مع الرئيس فلاديمير بوتين، أما في فبراير 2007 فقد استقبلت الرياض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عهد الملك عبدالله وتضمنت زيارته توجهات جديدة في العلاقات بين البلدين، وفي شهر نوفمبر من نفس العام كانت زيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- لموسكو وكانت تحمل مسارات تعاون مستقبلية في المجال العسكري، وشهدت الفترة 2015/ 2017 زيارات متعددة للأمير محمد بن سلمان مهدت لمرحلة التعاون والشراكة السعودية الروسية متعددة الاتجاهات.