اهتمت الصحف والمواقع الروسية بإفراد مساحات كبيرة لتغطية أخبار زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، إلى سان بطرسبورغ، ومتابعة نشاطه ولقاءاته المتعددة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الشيشان رمضان قديروف، والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديميتروف، ورئيس مجلس الأعمال الروسي - السعودي فلاديمير يفتو شكوف، ورئيس شورى المفتين لروسيا ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية الشيخ راوي عين الدين، والقائم بأعمال رئيس تاتارستان رستم منخانوف، والتي أسفرت في أقل من 24 ساعة من إجرائها عن توقيع أكثر من 10 اتفاقات للتعاون بين الرياضوموسكو في مجالات عدة، أهمها: التعاون في المجال الدفاعي والعسكري، والاقتصاد، والاستخدام السلمي للطاقة الذرية، والإسكان، والاستثمار، والتعاون العلمي في المجالات الفنية والتقنية، إضافة إلى الاتفاق على بناء 16 مفاعلاً نووياً لأغراض سلمية وتوليد الطاقة في المملكة، تسهم روسيا خلاله بتوفير التقنية والخبرات اللازمة، والتعاون مع مدينة الملك عبدالله للطاقة من خلال توفير مجموعة من الخبراء الروس للإعداد لهذا الاتفاق. وأشاد موقع صوت روسيا (وكالة الأنباء والإذاعة الروسية الرسمية) بنتائج زيارة الأمير محمد بن سلمان، موضحاً أن العلاقات الروسية - السعودية بدأت منذ «تاريخ طويل كتب سطوره الأولى الاتحاد السوفياتي في 19 شباط (فبراير) 1926، إذ كانت موسكو من أول المبادرين بالاعتراف باستقلال الدولة السعودية»، مشيراً إلى أن «تلك العلاقات اتسمت بثرائها وتنوعها، كونها ممتدة منذ عقود طويلة ومتشعبة داخل عدد من المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية بين البلدين». وأشار الموقع في تقرير له لمناسبة زيارة ولي ولي العهد الأولى إلى روسيا، إلى أن «الاتحاد السوفياتي اعترف باستقلال الدولة السعودية، مملكة الحجاز، والمناطق المرتبطة بها منذ عام 1932 وعام 1938، وكان من أول الدول التي تعترف باستقلال المملكة»، مضيفاً أن «السعودية وروسيا توصلتا في أيلول (سبتمبر) 1990، إلى اتفاق في شأن تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وبدأت السفارة الروسية بالعمل في الرياض في أيار(مايو) 1991، فيما عملت القنصلية العامة الروسية في جدة في نيسان (أبريل) من العام ذاته، وافتتحت السعودية سفارتها في العاصمة الروسية موسكو في كانون الأول (ديسمبر) 1991». وأوضح التقرير أن «السعودية أعلنت في30 من (ديسمبر) 1991، اعترافها بالاتحاد الروسي الجديد خلفاً للاتحاد السوفياتي إثر انهياره. وزار رئيس الوزراء الروسي فيكتور تشيرنوميردين الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) 1994، في جزء من رحلة عبر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تم خلالها توقيع اتفاق عام بين حكومة روسيا وحكومة السعودية، وزار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (2005 - 2015) روسيا في أيلول (سبتمبر) 2003، كأول زيارة رسمية له وأجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السعودية في (فبراير) 2007، وفي (نوفمبر) 2007، وزار ولي العهد ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام للقوات المسلحة السعودية الأمير سلطان بن عبدالعزيز، يرحمه الله، روسيا». وتطور حوار سياسي نشط على مستوى وزراء الخارجية بين السعودية وروسيا، إذ زار الرياض وزراء الخارجية الروس أندريه كوزيريف، (أبريل) 1992، وتشرين الأول (أكتوبر) 1994، وإيغور إيفانوف، في (نوفمبر) 2000، وفي (أبريل) 2004، وسيرجي لافروف، في أيار (مايو) 2006، و(نوفمبر) 2012. ومن الجانب السعودي، زار وزير الخارجية السابق الأمير سعود الفيصل، روسيا مراراً وتكراراً، في كانون الثاني (يناير) 1992، و(أبريل) 1999، و(أبريل) 2002، و(مايو) 2003، وحزيران (يونيو) 2006، وشباط (فبراير) 2008، وآذار (مارس) 2011، و(نوفمبر) 2014. تطور العلاقات السعودية - الروسية بادرت كل من السعودية وروسيا إلى تعزيز وتطوير العلاقات بينهما لخدمة البلدين والشعبين، إذ حرصتا الرياضوموسكو، على الانتقال بالعلاقات من مجرد زيارات سياسية، إلى التعاون في مجالات عدة أهمها التعاون في الجانب البرلماني، والتجاري، وزيادة فرص الاستثمار بين البلدين، وقطاع الفضاء، إضافة إلى التعاون في المجال العلمي حيث يدرس عدد من الطلاب السعوديون في الجامعات الروسية. وأوضح تقرير صوت روسيا، أن «تطوير العلاقات بين موسكو، والرياض، في مجالات عدة، بدأ في أيار(مايو) 1996، عندما زار العاصمة السعودية رئيس لجنة الجغرافيا السياسية أليكسي ميتروفانوف، الذي ترأس وفد نواب مجلس الدوما في روسيا خلال الزيارة، كما اتخذت التجارة بين روسيا والسعودية اتجاهاً إيجابياً منذ 2003، إذ زاد حجم التبادل التجاري بينهما من 235 مليون دولار في 2005، ليصل إلى 450 مليون دولار في 2008، ليقفز إلى أكثر من الضعف في أربعة أعوام مسجلاً بليون دولار في 2012». ويرتبط البلدان بمشروع عملاق لشركة «لوك أويل»، الذي تم توقيعه في 2004، تخول الشركة بموجبه الاستكشاف وتطوير حقول النفط السعودية مدة 40 عاماً، فيما يعمل مجلس التعاون الروسي - السعودي على تسهيل إنشاء المشاريع للتعاون بين البلدين. وبالحديث عن التعاون في قطاع الفضاء، وضعت روسيا منذ أيلول (سبتمبر) 2000، عشرين قمراً صناعياً سعودياً للاستشعار عن بعد في الفضاء. وفي 2008، عملت وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس» ووزارة الخارجية الروسية مع السعودية على تشكيل الإطار الصحيح التعاقدي للاتفاقات على التعاون في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، والتطوير والاستخدام المشترك لشبكة GLONASS. وتطورت العلاقات الإنسانية بين السعودية وروسيا بنشاط، من خلال المنظمات الإسلامية منذ عام 2002، إذ تعمل بعثة الحج الروسية على تقديم المساعدة للحجاج الروس سنوياً في مكةالمكرمة، والمدينة المنورة التي يزورها ما يقرب من 20 ألف حاج من روسيا. ووقعت مذكرة تفاهم مباشرة، في (سبتمبر) 2003، بين الأكاديمية الروسية للعلوم وواحدة من أكبر الجامعات والمركز التكنولوجية العلمية في السعودية (جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز)، كما تقدم السفارة السعودية في موسكو، من خلال مجلس المفتين مساعدات مالية لتطوير التعليم الإسلامي (المدارس الدينية) في تتارستان ومناطق أخرى من روسيا.