اخترقت القوات الحكومية حدود مدينة تلعفر في شمال غرب العراق اليوم الثلاثاء في اليوم الثالث من حملة تدعمها الولاياتالمتحدة لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم داعش. ويسيطر التنظيم المتشدد على تلعفر منذ فترة طويلة وهي أحدث هدف في الحرب بعد استعادة الموصل عقب حملة استمرت تسعة أشهر تحولت خلالها أجزاء كثيرة من المدينة إلى حطام. وتحدث وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس قبل وصوله إلى العراق (الثلاثاء) وقال إن المعركة ضد داعش ليست قريبة من نهايتها على الرغم من النجاحات التي حققتها الحكومة المدعومة من الغرب في الآونة الأخيرة. وما زال المتشددون يسيطرون على أراض في غرب العراق وشرق سوريا. وقالت قيادة العمليات المشتركة العراقية (الثلاثاء) إن وحدات من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب اقتحمت تلعفر من جهتي الشرق والجنوب. وأظهرت خريطة للعمليات نشرها الجيش العراقي أن نحو ثلاثة أرباع المدينة ما زال تحت سيطرة المتشددين بما في ذلك قلعة ترجع إلى عهد الدولة العثمانية. والقوات الرئيسية المشاركة هي الجيش العراقي والقوات الجوية والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب بالإضافة إلى وحدات من قوات الحشد الشعبي الشيعية التي بدأت تطويق المدينة يوم الأحد. وتقع تلعفر على مسافة 80 كيلومترا غربي الموصل ولها أهمية استراتيجية لأنها تقع على طريق إمداد بين الموصل وسوريا. وأسهمت المدينة ببعض من أكبر قيادات داعش وتم عزلها عن بقية الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم المتشدد في يوني. ويقول قادة عسكريون أمريكيون وعراقيون إنه لا يزال هناك ما يصل إلى ألفي متشدد في تلعفر. وقال ماتيس للصحفيين في عمان "أيام التنظيم أصبحت معدودة بكل تأكيد لكنه لم ينته بعد ولن ينتهي في وقت قريب". معاناة المدنيين وعلى غرار ما حدث خلال معركة الموصل تشعر منظمات الإغاثة بالقلق إزاء معاناة المدنيين في تلعفر. وقال البريجادير جنرال أندرو كروفت المسؤول عن العمليات الجوية للتحالف في العراق إن ما بين عشرة آلاف و20 ألف مدني مازالوا في تلعفر. ويعتقد أن هناك ما يصل إلى 20 ألفا في المناطق المحيطة لكن وكالات إغاثة تقول إن هذه مجرد تقديرات لأنها لم تتمكن من دخول تلعفر منذ عام 2014. وفرت موجات من المدنيين من المدينة والقرى تحت جنح الظلام في الأسابيع القليلة الماضية. ويواجه من تبقوا خطر الموت على أيدي المتشددين الذين يحكمون سيطرتهم على المدينة منذ عام 2014. وتقول الأممالمتحدة إن نحو 30 ألفا فروا من تلعفر منذ أبريل نيسان. وفي جنيف قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن من فروا هذا الأسبوع يعانون الجفاف والإنهاك إذ كانوا يعيشون على مياه وخبز غير نظيفين في الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية. وقال المتحدث باسم المفوضية أندريج ماهيشيك "يتحدث كثيرون عن رؤية جثث على طول الطريق وهناك تقارير تفيد بأن جماعات متشددة قتلت البعض". وأضاف "لقي آخرون حتفهم بسبب الجفاف أو المرض على ما يبدو". ومضى قائلا إن من بين من وصلوا إلى المخيمات مصابون بجروح بسبب نيران القناصة وانفجار الألغام. ويعتقد أن عدة آلاف من المدنيين قتلوا في معركة استعادة الموصل حيث حاول تنظيم داعش الحفاظ على وجودهم في المناطق الخاضعة لسيطرته لاستخدامهم كدروع بشرية في مواجهة الضربات الجوية والقصف المدفعي. واجتمع وزير الدفاع ماتيس مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير الدفاع عرفان الحيالي في بغداد لبحث دور القوات الأمريكية في العراق بعد استعادة المدن المتبقية تحت سيطرة داعش. وقال اللفتنانت جنرال ستيف تاونسند قائد قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة في مؤتمر صحفي مشترك مع ماتيس "هناك خطط قيد الدراسة... سننظر في أمر القوات التي ستتبقى في المستقبل". وقال كروفت المسؤول عن العمليات الجوية للتحالف في العراق إنه في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية رأى تشرذما في قيادة داعش. وأضاف "تبدو الأمور أقل تنسيقا. أكثر تشرذما وأقل قوة... أفضل استخدام تعبير مهلهلة... عشوائية" وقال مسؤولون أمريكيون إن في حين أنه تم تطهير المدن الكبيرة تقريبا من متشددي داعش فإن هناك مخاوف بشأن قدرة القوات العراقية على الاحتفاظ بأراض. وقال ماتيس إنه ما زالت هناك جيوب مقاومة في غرب الموصل بما في ذلك خلايا نائمة. ويواجه تنظيم داعش انتكاسات في سوريا حيث استعادت فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف بقيادة واشنطن أجزاء كيرة من الأراضي الخاضعة له في شمال سوريا وتهاجم الرقة معقله الرئيسي في سوريا. وقال مبعوث الولاياتالمتحدة إلى التحالف الدولي بريت مكجيرك إن نحو ألفين من مقاتلي داعش ما زالوا في الرقة وإنه تمت استعادة ما يصل إلى 60 في المئة منها. ويتوغل التنظيم المتشدد حاليا في منطقة وادي الفرات بشرق سوريا. وقال ماتيس إن الخطوة التالية بالنسبة للقوات التي تحارب داعش في سوريا ستكون التحرك ضد وادي الفرات الأوسط في إشارة إلى معقل المتشددين بمحافظة دير الزور جنوب شرقي الرقة. وقال مسؤول أمريكي إن ماتيس سيدعو رئيس حكومة كردستان الإقليمية مسعود البرزاني لإلغاء الاستفتاء المقرر على الاستقلال. وقال أكراد العراق إنهم سيجرون الاستفتاء في 25 سبتمبر على الرغم من مخاوف من جيران العراق الذين توجد أقليات كردية داخل حدود بلادهم وطلب الولاياتالمتحدة تأجيله. لكن مسؤولا كرديا كبيرا قال إن على الأكراد أن يدرسوا احتمال التأجيل مقابل الحصول على تنازلات مالية وسياسية من الحكومة المركزية في بغداد. وتخشى الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى أن يشعل الاستفتاء صراعا جديدا مع بغداد وربما دول مجاورة مما سيشتت الانتباه عن الحرب الدائرة ضد تنظيم داعش.