حضرت المرأة في أغنيات محمد عبده عندما تغنى بها ولها في أولى حفلات ليالي أبها الغنائية -التي أعادت الحياة والطرب والموسيقى لمسرح المفتاحة بعد غياب سنوات- لكنها غابت رغماً عنها عن حضور حفلته الفاخرة، إذ لم يفرغ المنظمون مقعدا واحدا لأجلها في ذلك المسرح العظيم أو في بقية مسارحنا، ما يجعل تلك الحفلات تتسم ب«الذكورية» التي لا تتفق مع رؤية الوطن التي أنصفت الإنسان ذكرا و أنثى. لم تكن المرأة هناك عندما غنى لها بكامل إحساسه «يا بنت النور».. كانت آذان الرجال أقرب لأغنياتها منها، استمعوا بالنيابة عنها لكل أغنية هي صاحبة الشأن فيها وطربوا لها، وصدحت حناجرهم مع فنانهم ب «مذهلة تملأك بالأسئلة»، بقيت هي خارج ذلك المشهد مذهولة لا تجد أي مبرر لحرمانها وبنات جنسها من حضور حفلة غنائية في السعودية. للمرأة الحق في أن تستمع للغناء في أحد مسارح وطنها، وتعيش لحظات من الصفاء الذهني، وتدلل أذنيها بموسيقى نقية وأغنيات مليئة بالحب والأمل والسلام تصب الفرح في قلبها وتنسيها آلامها، من حقها أيضاً كمطربة سعودية أن تعتلي خشبة أحد مسارحنا وتغني بها أسوة بالفنان (الرجل)، وأن يتم الاحتفاء بها وتقدير فنها وخصوصا عندما تكون من عمالقة الطرب في الوطن العربي كالمطربة ابتسام لطفي. لا يجب أن تعزل هيئة الترفيه ولا أي جهة أخرى المرأة عن فعالياتها غير المقصورة في مجالها على جنس واحد كالغناء، ويمكنها الإفادة من تجربة إحدى الشركات التي نظمت أخيرا حفلة غنائية بحضور العائلات للمرة الأولى في السعودية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بجدة والتي لاقت استحسان حاضريها وآنستهم ولم يحدث بها أي مكروه. من القسوة حرمان أنثى من بهجة صغيرة غير مكلفة تتمثل في «حفلة غناء»، فالغناء أجدر من يرفه عنها ويخاطب إحساسها وينعش روحها ويسري في أعماقها حد التحليق كفراشة نحو الحياة، والانغماس مع كل ترنيمة وتر.