لا يعدو خطاب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كونه خطاباً مرتبكاً، يظهر فيه خطاب الحمدين على مدى عقدين، حمل جملة تناقضات أوضحت للمشاهدين أن الخطاب المنتظر منذ اندلاع الأزمة القطرية بات معول هدم لموقف الحكومة القطرية، إذ التناقضات لا يمكنها أن تعزز أي موقف كان، فبينما وصف الخطاب في مستهله أن الحياة تسير بشكل طبيعي في قطر، إلا أنه بعد دقائق قليلة، عاد ليتناقض قائلاً «لا أريد أن أقلل من حجم الألم والمعاناة الذي سببه الحصار (حسب مزاعمهم)». ولم يلبث ذلك التناقض إلا قليلاً، حتى مضى مهنئاً الشعب القطري على المستوى الأخلاقي الرفيع الذي قدمه إزاء الأزمة، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي اكتظت بالحسابات القطرية التي شنّت شتماً على سياسة دولتهم، والتي أدخلتهم في دوامة الحياة المرتبكة، والمصير المجهول. ولأن الموقف المرتبك لا يمكن أن يقف على أرض صلبة، قال أمير قطر إن «الدول العربية وقفت معنا»، بينما الدول العربية لم تعلن أي موقف رسمياً أو تضامنياً مع الدوحة، بل ذهبت بعضها إلى المقاطعة الدبلوماسية، وأخرى إلى تخفيض البعثة الدبلوماسية، والتي نوهت إلى أن حكومة الدوحة تحتاج إلى رصانة أكبر، ووقف تمويل الإرهاب، وعدم التدخل في شؤون الدول. وفيما حاول تميم أن ينزاح إلى الخطابات الشعاراتية، قائلاً «تعتقد بعض الدول أن المال يمكنه شراء كل شيء»، فيما أن دولته لم تكف عن دفع 10 مليارات دولار من 2010 إلى 2015 على مراكز بحوث ودراسات لتشويه صورة الأشقاء، وجندت قناة الجزيرة لدعم الثورات المشؤومة على دول عربية، ما بث فيها الدمار. وذهب أمير قطر إلى تعريف الإرهاب بأنه «أيديولوجيا متطرفة»، بينما الدوحة تستضيف جماعة الإخوان المصنفة إرهابياً، إضافة إلى عناصر من جماعة طالبان، ما يفكك الخطاب، ويدخله في مأزق المصداقية. وما إن مرت دقائق قليلة، حتى قال «التشهير والافتراء على قطر في الغرب»، فيما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أكد في أكثر من مؤتمر صحفي أن قطر تمول الإرهاب، ويجب عليها أن توقف ذلك، وهذا ما عززه تصريح وزير خارجيته الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن قطر تدعم الإرهاب. وبينما أعلنت السعودية والإمارات والبحرين بتسهيل ورعاية الأسر المشتركة، يصر أمير قطر على أن يضلل الرأي العام، بأن الدول المقاطعة «فصلت بين أبناء العائلة الواحدة»، كما أن السلطات السعودية أعلنت سابقاً أنها ترحب بالمعتمرين والحجاج القطريين على أراضيها، ما لم يستقلوا الخطوط القطرية، والنابعة من الخطاب السعودي الذي ذكر الشعب القطري «من أرومتها».