تستحق الأزمة القطرية أن توصف بأنها كاشفة فاضحة، فقد كشفت وفضحت الكثير من الأشخاص والمواقف والحقائق والقصص، وأثبتت بالأدلة والوثائق ما كان يصنف بالسابق على أنه مجرد شكوك واحتمالات وحتى شائعات. لقد كشفت هذه الأزمة حجم الاختراق القطري للمجتمع السعودي بطيفه الواسع، وأكدت أن ما كان يقال عن تورط الكثير من النخب السعودية في الولاء والارتهان لقطر هو حقيقة لا جدال فيها، وأن هناك من كان «يقبض» من الدوحة بطريقة أو أخرى ليكون أداة تستخدمها الحكومة القطرية بالوقت والطريقة والمكان المناسب. وكشفت هذه الأزمة أن الوسط الرياضي السعودي بكل مكوناته كان على مدى سنوات مستهدفا من القطريين، باعتباره الخاصرة الرخوة للمجتمع السعودي، وليس عيبا الاعتراف هنا أنهم نجحوا في تحقيق اختراق عميق لهذا الوسط، وكسب ولاء الكثير من الرياضيين السعوديين وخصوصا من يعملون بالحقل الإعلامي الرياضي وجاءت الأزمة لتفضحهم عبر مواقفهم الملتبسة والمترددة والمتذاكية. ويكفي هنا الإشارة إلى أن ثمة شخصيات رياضية إدارية وإعلامية لاتزال حتى اليوم صامتة وتقف على الحياد بين المملكة وقطر، وكأن الأزمة تتعلق ببلدان ما وراء البحار، هؤلاء يجب أن نزدريهم وننبذهم ونشعرهم بأنهم مكشوفون. وجاءت الأزمة لتؤكد بشكل فاضح أن «الفخ» الذي وقع فيه بعض الرياضيين، وقع فيه أيضا دعاة وضعوا «لحاهم» في الجيب واليد القطرية، ومثقفون ومفكرون وإعلاميون وفنانون وشعراء سال لعابهم أمام المال القطري «فقبضوا» ليستحيلوا من حيث يدرون أو لا يدرون إلى «مجرمين» بحق وطنهم، ومتورطين حتى آذانهم بجريمة الولاء للخارج، وقبض الأموال من حكومة أجنبية، ولهذا أجدد المطالبة بسَوْق هؤلاء إلى العدالة في الوقت المناسب، والتحقيق معهم ومحاكمتهم وتطبيق العقوبات عليهم بما يكفي لردع غيرهم ممن يضعف أمام إغراءات الخارج، إن فلتان هؤلاء من العقوبات سيرسل برسالة خاطئة لغيرهم بأن القبض من دول أجنبية والولاء لها ليس جريمة. وأظنني لست بحاجة إلى القول إن دولة قطر ليست جمعية خيرية وهي لا تقدم المال بدافع إنساني أو لسواد عيون من يقبض المال، و«يتبطح» في فنادقها وقصور شيوخها، ويملأ بطنه من موائدهم، وإنما هي في الواقع تشتري هؤلاء ليكونوا عبيدا وجنودا وعملاء لها عندما تحتاجهم لخدمة مشروعها التآمري على بلادنا، والحمد لله أن الأزمة كشفتهم وفضحتهم قبل أن يحين موعد الحاجة لهم، وهذا لا يعني أنهم لم يلعبوا خلال السنوات الماضية أدوارا مختلفة لخدمة قطر ومشاريعها ومواقفها والدعاية لها والوقوف في صفها ولو على حساب بلدنا، ومثال ذلك وجدت مقالا لكاتب سعودي في صحيفة سعودية يهاجم مسؤولا دوليا كبيرا لنا مصالح وعلاقة وثيقة وقوية به وبمؤسسته الدولية، فقط لأن قطر كانت على خلاف مع هذا المسؤول، كان يمكن لهذا المقال أن يفسد علاقة المملكة بهذا المسؤول وبمؤسسته من أجل خاطر قطر!! ولو كانت مساحة هذا العمود تتسع لعرضت جملة من الأمثلة والنماذج والدلائل على هذا الاختراق القطري الذي جاءت الأزمة لتفضحه وتكشف تفاصيله المفجعة والصادمة. أجل.. الأزمة القطرية كانت كاشفة وفاضحة!