salehalfahid@ ما سبق أن كتبته تلميحا في هذا العمود قبل سنوات، سأكتبه اليوم تصريحا وبشكل أكثر وضوحا ومباشرة. لقد وضع القطريون الساحة الرياضية السعودية منذ وقت مبكر هدفا لهم لتحقيق جملة من الأهداف التي سنأتي على ذكرها. ونجح القطريون أولا في اختراق الإعلام الرياضي السعودي باعتباره الخاصرة الرخوة في وسطنا الرياضي، واستطاعوا بعد عمل دؤوب وجاد ومنظم، كسب ولاء عدد لا يستهان به من الإعلاميين السعوديين الذين راحوا يترددون على الدوحة بمناسبة وبدون مناسبة، ويتنافسون على كسب ثقة وصداقات القيادات الرياضية والإعلامية هناك. لم تكن عملية استدراج الإعلاميين السعوديين للفخ القطري صعبة أو تجري بطريقة سرية، أبدا، العملية بسيطة وتحت الشمس وعلى المكشوف، والبداية اتصال يتلقاه الإعلامي بدعوته لحضور إحدى المناسبات الرياضية (وما أكثر مناسباتهم) أو الظهور في أحد البرامج الرياضية بقناتي الجزيرة أو الكأس الرياضيتين (وما أكثر برامجهم)، ودعوة كهذه غالبا لا أحد يرفضها، خصوصا أنه ليس فيها ما يريب، وهي أيضا مدفوعة الثمن بالكامل، حيث يتكفل الداعي القطري بالتذاكر على الدرجة الأولى والإقامة بفنادق النجوم الخمسة، ومنذ لحظة القدوم وحتى المغادرة يحاط الضيف بالحفاوة والتكريم، ثم يودع بالمكافأة التي يسيل لها اللعاب، والحبر لاحقا. وبالطبع لا يطلب القطريون من الضيف شيئا، يتركونه هو وضميره، لكن كرمهم «الحاتمي» يجعل الضيوف يعودون ولديهم شعور عميق بأنهم مدينون للبلد المضياف، وأن عليهم رد الجميل له، كلما وجدوا فرصة لذلك، وهكذا استمر القطريون بتوسيع دائرة الضيوف الذين يشملهم كرم الدوحة «غير البريء»، وكلما برز إعلامي في المشهد الإعلامي السعودي، أصبح تحت أعينهم، ثم لا يمضي وقت طويل حتى تتم دعوته لزيارة الدوحة، و«تدسيم شاربه»، فصار مطار الدوحة وفنادقها وأسواقها ومقاهيها ملتقى للإعلاميين السعوديين الذين تجمعهم الصدف هناك، «ناس جاية وناس رايحة». وتبعا لذلك، أصبحت المواضيع والمقالات التي تكيل المديح والثناء لقطر ورياضتها وشخصياتها لا تغيب عن صحفنا الرياضية، بمناسبة أو بدون. لقد أصبح كثير من الكتاب والصحفيين السعوديين من حيث يدرون ولا يدرون «وأغلبهم لا يدرون» مجندين إعلاميا لخدمة الرياضة القطرية، والترويج لها، والدفاع عنها وعن شخصياتها، بل وأحيانا حتى أنديتها، فبعضهم ومن فرط الإخلاص والولاء، وليثبت للمعازيب القطريين أنه أهل للثقة وللدعوات، أصبح يشجع أندية قطرية! وهكذا كسبت قطر ولاء قاعدة عريضة من الإعلاميين الرياضيين، مستغلة رغبات كل واحد منهم، ونقاط ضعفه. وما إن حانت الفرصة الكبرى للتوغل في الوسط الرياضي السعودي حتى اندفع القطريون بقوة عبر شراء حقوق الدوري السعودي، وأتاحت لهم هذه الخطوة الوصول إلى «الشباب» السعودي من أوسع الأبواب، ومن الأشياء التي أعتز بها أنني أول من حذر من خطورة هذا الاختراق المتمثل ببث الدوري السعودي عبر قنوات تلفزيونية غير سعودية، حتى وإن كانت هذه القنوات خليجية، معتبرا أن ربط الشباب السعودي بالآلة الإعلامية لبلد آخر عبر تقديم المنافسات الكروية من خلالها، يعد اختراقا خطيرا للمجتمع السعودي، ومخاطرة غير محسوبة النتائج، وقد تنبهت جهات عليا في الدولة لهذا الاختراق، وعلى إثر ذلك تلقت الرئاسة العامة لرعاية الشباب «وقتها» توجيهات بقصر المنافسة على حقوق نقل الدوري السعودي على القنوات السعودية والمملوكة لسعوديين. تعمدت أن لا أذكر أسماء أو أدخل بتفاصيل، لكن أتمنى على الجهات المسؤولة بالدولة أن تعطي عنايتها لهذه القضية، وأنا على ثقة بأنها ستكتشف ما فيها من أسرار وخبايا. وبالطبع.. لم تسلم شرائح أخرى من وسطنا الرياضي من المحاولات القطرية غير البريئة، وهذا موضوع آخر سأتحدث عنه في قادم الأيام، فمساحة العمود انتهت.