الحياة هي أفضل جامعة وأجود معلم يتعلم ويحصل منهما كل إنسان على أرقى الشهادات، وحيث إنني ولله الحمد أخذت من جامعة الحياة ما تعدى سبعة عقود من الزمن، فأسأل الله أن يكون عمرا في طاعته، من منطلق هذه الجامعة أحببت مشاركة القراء الكرام بأن أروي لهم واقعا حدث بيني وبين واحد من أعز وأغلى وأصدق أصدقائي الأحباء، قبل فترة من الزمن القصير تواصلت عبر برنامج الواتسآب ودار حوار حاد بيني وبين صديقي، حيث بعثت رسالة إلى الصديق كلماتها صدرت بتغلب عاطفتي على عقلي، فكان محتواها لا يليق بين اثنين مثقفين متعلمين كبيرين في السن، إذ إن صديقي أعتقد أنه تعدى خمس عقود من الزمن، بعد رسالتي السلبية توقف صديقي من التواصل معي كتابيا وزيارتي وهاتفيا، خلافا لعادته عبر عقدين من الزمن، ظل هذا الوضع تقريبا سنة، حتى جاء شهر الكرم والكتاب والعتاب، في العشر الأواخر من شهر رمضان المنصرم وإذا بهاتفي النقال يرن، رأيت أن المتصل هو صديقي فجاوبت، تبادلنا التهاني بالشهر الكريم والمعايدة بقرب العيد ومن ثم فتح الحوار معي صديقي بالعتاب، إذ عاتبني على انقطاع التواصل بيني وبينه مدة طويلة خلاف المعتاد، وبعد أن تحدثت معه وهو يستمع ساكتا حتى انتهيت من العتاب، ثم استأذن مني أن يرد دون المقاطعة مني وبدأ حتى انتهى وأنا أسمع له سكوتا، عندئذ أقنعني أنني كنت مخطئا في حقه خطأ جسيما فندمت وطلبت منه أن يسامحني بعد اعتذاري الشديد. قبل صديقي الاعتذار ومسح كل ما صدر مني وعادت المياه إلى مجرى الحب والصداقة والمعزة والغلاوة بين صديقين. ولكن بمقدار العتاب والمحبة والصداقة الغالية التي كنا نتبادلها عبر سنوات لم يكتف صديقي بهذا العتاب عبر الهاتف وقام بزيارتي في بيتي أثناء النهار ونحن صيام في ذلك الحر الشديد وهو صائم حضر بعد صلاة الظهر في آخر سبت في رمضان المنصرم، فرحبت به وتصافحنا وقضينا بعضا من الوقت في مكتبي ببيتي، حيث دار الحديث بيننا عن ما شاهده صديقي من محتويات مكتبي في منزلي من كثرة الكتب والمجلات والصور لوالدي وجدي وأعمامي وأهمها صورة غير ملونة في برواز كبير مذهب معلقة على حائط مدخل بيتي التقطها مصور اسمه شفيق، خلف مستشفى أجياد بمكة المكرمة تاريخ الصورة كان 1349ه أي عمر الصورة 90 سنة. تحتوي الصورة على السادة، جدي أحمد حسنين وعمي حسن بكرية جدي ثم والدي وبعده عمي صالح ثم عمي جميل وعمي سعيد وعمي محجوب وابن عمي حسن السيد صدقة ولا يوجد في الصورة أصغر أعمامي وهو عمي محمد؛ إذ لم يولد بعد آنذاك رحمهم الله جميعا. هكذا كانت ثمرة عتاب صابون الواتساب بين صديقين. فقد قيل أن العتاب صابون المحبة. العتاب فيه صفاء النفوس والعتاب على قدر المحبة، قول يتداوله الناس. ومن فوائد العتاب أنه يزيل صدأ البغض والكراهية من القلوب، ويزيد المحبة والألفة، وينقي النفوس ويطهرها من ظنون الإثم، ويقوي أواصر الود والتفاهم في المجتمع. لكن العتاب لا يكون أسلوبا فعالا إلا إذا استخدم في الوقت المناسب ومع الشخص المناسب الذي يتقبل العتاب اللطيف بصدر رحب كما قيل قديما: لا تقطع أخاك على ارتياب، ولا تهجر دون استعتاب. فالعتاب صابون الواتساب. للتواصل (( فاكس 0126721108 ))