العيد، رشة عطر، وزهرة متفتحة. العيد، بسمة، وثوب جديد، تكبيرات مباركات ترتفع فوق السحاب، إشراقة للأمل، إطلالة على بحر المحبة، العيد.. فرحة كفرحة البستان بهتان المطر، العيد.. ريحانة تهتز في قصر السعادة. العيد في ربوع وطني.. دعوات متذللة لرب السماء والأرض؛ بأن يحفظ عليه أمنه وأمانه.. وأن يسدد ولاة أمره لكل خير وفلاح.. العيد في عيون الآباء قبلة على الجبين، وفي عيون الأمهات حضور بين أيديهن وقبلة على الأيدي الحنونة، فالأمهات يردن من أولادهن أن تلتصق أجسادهم، بأجسادهن العظيمة؛ لتشم الأم الرؤوم رائحة ولدها.. وأما العيد في عيون الأطفال فهو حلوى، وقليل من النقود وثوب جديد! واصطحاب إلى المصلى! ومجالس الرجال. وفي عيون الإخوة والأخوات، زيارة لمنازلهم، وسلام، وكلام، وإن تيسر للأخوات هدية؛ فهي رونق العيد. وأما العيد في عيون الجيران، فهو مرور عليهم كمرور الغمام، وتلطف في الكلام، وإقبال بالوجه، وإشعارهم أنهم في القلب والمشاعر. وأما العيد في عيون كبار السن.. فهو أن تجلس حول كراسيهم وتسألهم عن الماضي وأحواله، وتكون أذنا صاغية، وتبدي إعجابك بالحكايا والقصص. وأما العيد في عيون الأيتام.. فهو أن تقبل بالسعادة ملء ثيابك، والسرور على متن جوارحك، وتظهر علامات الدهشة والانبهار؛ كطفلة صغيرة مسرورة في عرس صاخب! فهم يريدون الخروج من دائرة الانكسار، وأغلال الضعف، وأن تحلق بهم في أفلاك لا تشبه حياة اليتم والفقد! يريدون أن تتحول ابتساماتك إلى ضحكات وقهقهات يتردد صداها في جبال أحاسيسهم! يريدون منك تقهر كل شعور مؤلم في دواخلهم؛ ليتذوقوا طعم العيد كما هو عيد! العيد في عيون الغرباء.. أن تقف أمام الغريب دقيقة لتسأله عن حاله، وحال أهله وأولاده في الديار البعيدة، بل إن استطعت تسأله عن مظاهر العيد في بلاده، فقد شرحت صدره وأطلقت نهر السعادة في داخله. ثم اجعل من عيدك اليوم أعياداً متوالية، وسعادة متصلة، فاسلك الطريق المستقيم إلى جنات ذات قصور وأنهار وسعادة أبدية.. فمن ذلك: ركعة خاشعة في جوف الليل، وصدقة خفية، وتفريج كربة مسلم، ودمعة من خشية الله، وإطعام الطعام، وإغاثة الملهوف، وغرس شجرة، وإفشاء السلام، وتجاوز عن زلات القريب والصديق. وغيرها من وجوه البر والإحسان. عيدكم مبارك. وأيامكم ولياليكم أُنْس وصفاء وبهاء وسعادة.