[email protected] لن أتطرق للبحث في أسباب نهج حكومة قطر العدائي الغادر مع كثير من الدول العربية من خلال دعمها للفوضى وثورات الخريف العربي، فهذا يمكن أن يذكر له الكثير من المبررات غير المنطقية، لكن سأحاول البحث في سبب العلاقة التي جعلت المتناقضين المتضادين والمتحاربين علنا إلى أن تكون حكومة قطر صديقا مشتركا لهم. حكومة قطر لها علاقتها بحركة الإخوان، وكذلك بعض الليبراليين، لها علاقتها مع حماس وكذلك علاقة مع الكيان الصهيوني، لها علاقتها مع إيران التي تحارب في العراق ويتوعد أذنابها هناك دول الخليج وهي عضوة في مجلس التعاون الخليجي، تدعم حزب الشيطان وتعمر له الضاحية ثم تتباكى على القصير في سورية، تشارك التحالف العربي في اليمن وتدعم الحوثي. هذه المتناقضات نحن فيها بين افتراض أمرين فيما يخص حكومة قطر، فالافتراض الأول أن حكومة قطر تدعم أحد النقيضين بصدق وبالتالي يكون دعم نقيضه هو اتقاء لشره، أم الافتراض الثاني أنها تمارس النفاق «مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ» (143النساء) أي كما يقال بالدارجة –يلعبون على الحبلين- «الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ». (141 النساء). أما فيما يخص الأضداد المتحابون في حكومة قطر فهذه حالة عصية على الفهم، إلا إن افترضنا أنهم يخادعون حكومة قطر وهي تخادعهم، ويعلم كل منهم أنه يستغل الآخر ولمرحلة معينة حين جني الثمار، ليغدر كل منهم بحليفه، وهنا يجب أن نفترض أنهم جميعا يعرفون ذلك وراضون بهذا الوضع، فإن كان الحال هو ما افترضناه فمن منهم يمكن أن يثق به المواطن البسيط الذي يرى في قادته الشرف والمبادئ التي تستحق التضحية والفداء. موقف المواطن البسيط هو المحير في حالة المنتمين لهذه الأضداد، إذ كيف يقتنعون بأن حكومة قطر داعمة لمشروعهم وهم يرون رأي العين أنها تدعم الطرف المضاد لهم، كيف اقتنع أتباع حركة الإخوان والمتعاطفون معها بأن حكومة قطر داعمة لهم وهي تدعم حزب الله في لبنان، وفي نفس الوقت أيضا تستضيف الصهاينة في قطر، بل شاهدوا كيف زار الصهاينة قناة الفتنة الجزيرة، فأي شرف وأي عقل يثق بدعم هذه الحكومة. أيضا كيف لأتباع جماعات الحركيين أن يثقوا بحكومة هي من أدخل نجاد الى قمة مجلس التعاون الخليجي، «لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»، أم أن جماعتهم لا تمانع من ذلك بدليل أنها لما حكمت مصر أدخلت نجاد الى الأزهر ليرفع شعار النصر من هناك -صورة لما رأيتها اقشعر جسمي-. يبقى السؤال: لماذا يتعاطف بسطاء الجماعات مع حكومة قطر؟ ما السر الذي جعل المتعاطفين مع هذه الجماعات يغضو طرفهم عن هذا التناقض الصارخ؟ هل يستطيع الإعلام أن يغيب العقل الى هذا الحد؟ أم أن هذه الجماعات استطاعت تسخير محبيها للطاعة العمياء؟