مضت أكثر من ثلاثة أعوام على بدء تنفيذ (مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بمدينة الرياض) المشروع الحلم لسكان العاصمة الذي من المتوقع الانتهاء من تنفيذه العام القادم، ويتكون من شبكة حديثة لنظام القطارات، تدعمها شبكات متعددة المستويات من أنظمة النقل بالحافلات، لتخفف عناء الزحام في مدينة الرياض التي بلغ فيها عدد الرحلات المرورية ثمانية ملايين رحلة يوميًا يقودها أكثر من 6 ملايين شخص. ويجمع مشروع النقل العام في مدينة الرياض بين العديد من المزايا، فإلى جانب ضخامة حجمه كونه يغطي واحدة من أكبر العواصم في العالم مساحة، والمدة الزمنية القصيرة التي يجري تنفيذه فيها المقدرة بخمس سنوات، فإنه يتميز بطبيعته الدقيقة، ومواصفاته التصميمية والتقنية العالية، وانسجامه مع الخصائص الاجتماعية والبيئية والعمرانية للمدينة. وحولت 20 شركة عالمية كبرى تنتمي إلى 11 دولة في العالم مدينة الرياض إلى ورش عمل لا تهدأ، إذ يعمل فيها كوادر سعودية وأجنبية على مدار الساعة ما بين الأنفاق الأرضية والجسور العالية، حتى توشحت خريطة الرياض بالألوان: الأصفر، والأزرق، والبنفسجي، والأحمر، والأخضر، والبرتقالي التي تحدد معانيها مسارات القطار في أحيائها على امتداد مساحاتها الشاسعة. وسيهنأ سكان العاصمة الذين من المتوقع أن يصل تعدادهم السكاني في عام 1450ه إلى أكثر من (8.3) مليون نسمة، بتنوع خيارات النقل من خلال نظام نقل عام يمتاز بالخدمة الفعالة الآمنة والراقية، وذلك بمتابعة الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير المنطقة، رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رئيس اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض. وحرصًا على المحافظة على انسيابية الحركة في طرق المدينة لضمان سير عمل مشروع القطارات تم تكوين فريق من الاستشاريين المتخصصين لدراسة الحركة المرورية وتأثرها بالأعمال الإنشائية ومن ثم تصميم التحويلات المرورية المناسبة، وفريق آخر للقيام بزيارات ميدانية للمساكن والمكاتب والمراكز التجارية في المناطق المحاذية لمواقع عمل المشروع لتعريفهم بعناصر خطة التحويلات المرورية والاستماع إلى مقترحاتهم وآرائهم حول العمل. كما أُطلق تطبيق (دليلة الرياض) المجاني على الأجهزة المحمولة، لمساعدة قائدي المركبات في اختيار البدائل الأفضل للحركة في مواقع العمل ضمن المشروع وأجزاء المدينة، وخصّص الرقم الموحد (19933)، وحسابات المشروع على (تويتر، فيسبوك، يوتيوب) لاستقبال اتصالات واستفسارات السكان بشكل دائم. وتشكّل شبكة قطار الرياض العمود الفقري لنظام النقل العام في المدينة، وتتكون من ستة خطوط رئيسية بطول 176 كيلومترًا، تغطي معظم المناطق ذات الكثافة السكانية والمنشآت الحكومية والأنشطة التجارية والتعليمية والصحية، وترتبط بمطار الملك خالد الدولي ومركز الملك عبدالله المالي والجامعات ووسط المدينة ومركز النقل العام وخطوط سكك الحديد في مسارات متناسقة. وجرى تصميم جميع عناصر مشروع قطار الرياض، وفق مواصفات تقنية وتصميمية عالية، من أبرزها استخدام نظام القطارات الآلي (بدون سائق)، وتتوزع مساراته بين ثلاثة مستويات: (أنفاق تحت الأرض بنسبة تبلغ نحو 42%، مسارات على سطح الأرض بنسبة تبلغ نحو 11%، ومسارات على الجسور بنسبة 47%). ويشمل المشروع 85 محطة للقطار، من بينها أربع محطات رئيسية يلتقي فيها عدة مسارات، في حين تم تصميم المحطات على عدة مستويات وفق تصاميم معمارية حديثة، على أن تكون جميعها مكيفة، وتحتوي على وسائل الراحة والسلامة للركاب، وأنظمة معلومات الرحلات، ومحلات تجارية، ومواقف للسيارات. وتعد المحطات الأربع للمشروع (محطة مركز الملك عبد الله المالي، ومحطة العليا، ومحطة قصر الحكم، والمحطة الغربية) أحد أبرز عوامل الجذب للركاب في المشروع، بسبب وقوعها في مناطق عالية الكثافة، وعند تقاطع مسارات القطار والحافلات، إضافة إلى تقديمها لخدمات مساندة، وترفيهية، وتجارية متنوعة يحتاجها من يستخدم نظام النقل العام. ويوصف مشروع محطات قطار الرياض بأنه قيمة إضافية لمشروع النقل العام وعامل لتحسين البيئة العمرانية في المدينة في ظل ما تمر به حاليا من نقلات تنموية نوعية مع إطلاق رؤية المملكة 2030، حيث جرى تصميمها باستخدام مواد مُستدامة مع الاعتناء بالنواحي التشغيلية ومتطلبات الصيانة مُستقبلاً. وبلغت عقود إنشائه التي أرسيت عام 2013م على ثلاثة ائتلافات عالمية بقيمة إجمالية بلغت نحو 22.5 مليار دولار، وسيسهم في تعزيز مقومات مدينة الرياض، وتغيير نمط الحياة فيها، وتقليص نسب التلوث، والتأثير الإيجابي على جودة الحياة بشكل عام. وخصّص المشروع 25 موقعاً لإنشاء مواقف عامة للسيارات على مختلف مسارات شبكتي القطار والحافلات في معظم أجزاء المدينة، بهدف تسهيل استخدام الشبكتين بدلاً من استخدام السيارة الخاصة في التنقل داخل المدينة، وصمّمت مباني مواقف السيارات ضمن المشروع بسعات مختلفة. ويتضمن المشروع إنشاء سبعة مراكز للمبيت والصيانة، ومبنى مركز التحكم والتشغيل لنظام النقل العام بمدينة الرياض، والذي استوفى متطلبات الأمن والسلامة للركاب والمنشآت من خلال تزويد العربات والمحطات بأنظمة متطورة للمراقبة، تعمل بواسطة الكاميرات وأنظمة الإنذار المبكر، ونظم إطفاء الحريق، إلى جانب توفير أنظمة السلامة في الأنفاق، ونظم الاتصالات التي تتيح التواصل الفوري مع مركز التحكم والتشغيل والجهات الأمنية المختصة. وتتواصل أعمال تنفيذ المشروع في أكثر من 225 موقعاً على امتداد مسارات شبكة قطار مدينة الرياض في مختلف أرجاء المدينة، فيما تتوزع الأعمال الجاري تنفيذها ضمن المشروع بين جميع عناصره ومكوناته بما يشمل: أعمال تحويل الخدمات، والأعمال الإنشائية في 85 محطة، وتنفيذ مسارات القطار الستة بطول 176 كيلومتراً، ومختلف مكوناتها من جسور ومسارات، مع تركيب القضبان الحديدية. ويشهد المشروع حالياً تسارعاً في تنفيذ أعمال الإنشاءات في مواقع المحطات الرئيسية والفرعية، حيث يتم تنفيذ محطات: قصر الحكم، ومركز الملك عبدالله المالي، والصالة الخامسة بمطار الملك خالد الدولي، والغربية، في الوقت الذي تتواصل فيه الأعمال في إنشاء مبنى مركز التحكم والتشغيل، ومراكز المبيت والصيانة السبعة لجميع الخطوط، وإنجاز معظم أعمال تزويد المشروع بالطاقة الكهربائية، بجانب تصنيع عربات القطارات من قبل شركات ألمانية، وكندية، وفرنسية، وإجراء الاختبارات اللازمة على القطارات التي اكتمل تصنيعها، تمهيداً لنقلها إلى مدينة الرياض. ويتميز تصميم عربات قطار الرياض، بمراعاته لمتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، وانسجامه مع خصائص البيئة الطبيعية في المدينة، في حين ستعمل خطة تنفيذ المشروع الذي تشرف على تنفيذها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على تطوير الجوانب العمرانية والبيئية في المدينة عبر إيجاد بيئة عمرانية إنسانية حديثة وجاذبة للتنزه والمشي، وإبراز جودة التصاميم العمرانية لمحطات المشروع وعناصره المختلفة. ويشمل مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض، إنشاء شبكة للنقل بالحافلات تتكون من 24 مساراً، وتمتد ل 1200 كيلو متر، لتغطي كامل المدينة، عبر 1000 حافلة مختلفة الأحجام والسعات تبلغ طاقتها الاستيعابية الإجمالية 900 ألف راكب يومياً، يتم تصنيعها وفق أعلى المواصفات من قبل كبرى شركات صناعة الحافلات في العالم. وتتوزع شبكة الحافلات بين أربعة مستويات مختلفة، بما يسهم في تعزيز دورها كرافد مهم لشبكة القطارات، ووظيفتها كناقل للركاب ضمن الأحياء وعبر المدينة، وبما يحقق التكامل مع شبكة القطارات، ويتوافق مع التوسع المستقبلي للمدينة وخططها العمرانية، ويعزّز من عملية الربط بين مراكز التوظيف والمراكز التجارية بالأحياء، إضافة إلى تقليل حجم حركة السيارات على الشوارع والطرق.