«نايف رجل السياسة ومحنك القيادة» إصدار جسّد فيه الناشر محمد عباس السحلي ما يتميز به الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز من قيم إنسانية وعملية نبيلة وما حققه من إنجازات كبيرة خلال مسيرة عمله، كقائد فذ حازم وحليم وكريم. الأمير الراحل هو الابن الثالث والعشرون للمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ولد في مدينة الطائف عام 1353، منذ أن نشأ وتعلم كان حريصا على الاعتماد على الله، فقد سبق أن قال: «العرب قادرون على إعادة المكانة والسيادة لكل دولة عربية عن طريق الاعتماد على الله، ثم التسلح بعزيمة الرجال والقوة التي تعتمد على العقل». نايف الإنسان: نايف الإنسان.. عبارة يدركها كل الذين عملوا معه لسنوات عديدة، إذ يجمعون على أنه يتمتع بحس إنساني عميق حتى في أصعب الظروف، وأحلك المواقف وأكثرها حرجا والتباسا، وأشدها ضراوة، ويرون أن الملمح الإنساني لنايف لم يكن مكتسبا، وإنما هو من الطباع العميقة التي جُبل عليها، إذ يقول الدكتور عبدالرحمن الجماز مستشار وزير الداخلية وأحد أكثر الناس قربا من الأمير الراحل: «وجدته إنسانا بكل ما تعنيه هذه الكلمة»، إضافة لذلك عرف نايف بأنه رجل متواضع يتقن الإنصات لا يقاطع متحدثا، ويحسن التعامل مع الآخرين ويسعى جادا إلى فهمهم بهدوء. الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد كومان أشاد بسمات الأمير نايف، معددا خصاله الحميدة، وبشاشة وجهه التي تبعد عنه صفة الغضب، سواء كان الذنب كبيرا أم صغيرا فهو حليم عطوف إلى أبعد الحدود. أما مفتي الجمهورية اللبنانية الدكتور رشيد قباني فقد أكد أن الأمير الراحل كان يبدي حرصا كبيرا على وصول المساعدات السعودية لمن يحتاجها بالفعل، وهو الأمر الذي تحقق مرارا في لبنان، ومنها حملة التبرعات السعودية في أعقاب الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان. ويقول مدير جامعة الأمير نايف الدكتور عبدالعزيز بن صقر «لن أفي الأمير نايف حقه.. تعلمنا منه خصالا غاية في الأهمية، لعل في مقدمتها الحكمة والتواضع والحلم وحسن الاستماع واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب». «لا يفعل شيئا يتحرى من ورائه مكسبا سياسيا أو كسبا إعلاميا» بهذه العبارة شرح أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وهو يسرد شهاداته عن نايف الإنسان، وقال: «أجمع المثقفون على تبيان بهجتهم في أعقاب كل بيان أو تصريح صحفي للأمير نايف، بل إن بعضهم أشار إلى أنه صمام الأمان لوطن نجح في حفظ أمن مواطنيه»، وقال الشيخ ثنيان الثنيان «إنه كان يكنّ عاطفة عميقة نحو الفقراء» مؤكدا أن تلك الصفة من طباعه الحقة وليست محض أخلاق مكتسبة على الإطلاق، وبيّن أنه لم يكن سريع الانفعال إطلاقا، ولم يكن سريع الغضب كذلك، إلا أنه يغضب إذا تجاوزت الأمور حدّها. ويرى الأمير سعود بن عبدالمحسن أن الإهمال وعدم احترام القرارات سببان رئيسيان لإذكاء غضب الأمير نايف، بيد أنه يوضح أن غضبه لم يؤثر يوما على قراراته أبدا، وأشار إلى أن أبرز صفاته الإنسانية تحريه الحثيث عن حال الضعيف من الناس، فضلا عن تدخله الدائم شخصيا أو هاتفيا في المسائل التي تتعلق بإبراء الذمة، ووصفه الفريق أسعد عبدالكريم الفريح ب «أنه شخصية مثالية يجمع بين الحزم واللين في مواضع مختلفة، فهو رؤوف في التعامل مع من يلتقيه، لكنه حازم وحاسم في الأوقات التي تحتاج إلى مثل هذا التعامل». ويرى وكيل وزارة الداخلية السابق الدكتور إبراهيم العواجي أن من خصال الأمير الراحل التواضع، ما يجعل التعامل معه مريحا، ولفت إلى أنه يرتدي قبعتين قبعة المسؤول وقبعة الإنسان، ولكنه يرتدي قبعة الإنسان أكثر من قبعة المسؤول. ويقول عنه رئيس تحرير «عكاظ» السابق الدكتور هاشم عبده هاشم «إنه على الرغم من شخصيته القوية جدا ومن جديته واضطلاعه بمهام كبيرة على مستوى سلامة الوطن، إلا أنه يتمتع بشخصية تجمع بين المزايا الإنسانية النادرة». نايف المسؤول: هو رجل دولة من الطراز الرفيع، وكما وصفه الشيخ ثنيان الثنيان بأنه «رجل قوي الإرادة ولم يكن سريع الانفعال، ويتمتع بعقلية ناضجة منذ أن كان فتى صغيرا، بالإضافة إلى أنه كان قليل الكلام، بيد أنه كان كثير العمل، وهي صفات لا يتحلى بها عادة إلا رجل الدولة الحكيم». ويقول عنه المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ «إنه رجل الدولة والمسؤولية، مهما عظمت الأعمال الملقاة على عاتقه». وكان الأمير الراحل يولي جل اهتمامه بمخرجات اجتماعات مجالس المناطق، وساهم في تطوير الكثير من المرافق الأمنية في الوطن، وكان حريصا على خدمة الشعب وتحقيق الرفاهية له، ويركز على أن تكون مخافة الله من أبرز الصفات التي يجب توافرها في قيادات الداخلية، وقد نذر نفسه لخدمة الوطن والمواطن في مجالات لا يمكن حصرها، وعرف عنه ما يتمتع به من بعد نظر وعمق في فهم الشأن السياسي، إضافة للخبرة العميقة التي اكتسبها في الحقل الأمني، واستطاع أن يجعل المملكة تحظى باحترام الهيئات الكبرى في العالم، خصوصا في الجانب الأمني. نايف والإعلام: من مقولاته الشهيرة «يجب أن يستوعب رجال الإعلام ما يفرضه موقع المملكة ومكانتها من تعامل رصين مع المواقف والأحداث وبما ينسجم نصا وروحا مع السياسة الإعلامية السعودية»، لقد حقق المجلس الأعلى للإعلام خلال فترة رئاسة الأمير نايف له إنجازات تطويرية متسارعة وشهدت الساحة الإعلامية العديد من التنظيمات التي أدت للنهوض بالمنتج الإعلامي، وأوضح الدكتور عبدالعزيز خوجة أنه عندما ترأس الأمير الراحل المجلس الأعلى للإعلام أرسى كثيرا من الأسس الإعلامية التي ما زالت تطبيقاتها مستمرة حتى الآن، ومنح الإعلاميين حملة من الحقوق، منها حق الاتصال، وحق الحضور، وحق السؤال والمناقشة، لأنه مؤمن تماما بأن للإعلامي رسالة في المجتمع تتجلى في مهمة القيام بتنوير الرأي العام. مكافحة الإرهاب: إن جهود الأمير الراحل في مكافحة الإرهاب تتجلى في مقولته «إن سلامة الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة مرهونة بسلامة فكره ومعتقده، ذلك أن الشخص الذي تزعزعت عقيدته وانحرف فكره سوف يكون عرضة للتيارات الضالة التي تقوده إلى الهلاك والضياع وتعرض حياته وحياة مجتمعه لمخاطر عديدة»، انتهج نايف أسلوبا متميزا في مقاومة الإرهاب تم تطبيقه في المملكة لأول مرة على مستوى العالم، تمثل في تكثيف المتابعة والمراقبة لإحباط أي عمليات إرهابية محتملة، والعمل في اتجاه النصح والإصلاح لمن تم التغرير بهم من قبل معتنقي الفكر الضال. نايف وأمن الحج: حرص الأمير الراحل على دعم أمن حجاج بيت الله الحرام وخدمتهم، وحظي بشرف قيادة مهمة بالغة الصعوبة في ما يختص بالحج والحجيج، وتحقيق كل المقومات التي تكفل الأمن والاستقرار لضيوف الرحمن منذ وصولهم إلى السعودية حتى مغادرتهم لها بعد اكمال المناسك، فقد قال في مؤتمر صحفي في موسم حج 1428: «إن أمن حجاج بيت الله الحرام وخدمتهم من الأولويات للحكومة السعودية...» ووضع خططا أمنية على مستوى عال جنبت الحجاج أي أخطار أمنية. نايف وأمن الخليج: يرى الأمير الراحل أن قوة المواجهة لأي خطر يهدد أمن دولنا ومجتمعاتنا تكمن أولا وقبل كل شيء في مدى صلابة وتماسك الجبهة الداخلية في مواجهة تلك التحديات والمتغيرات، هكذا حرص على تأكيد هذا النهج خلال لقاءاته المتعددة والهادفة للتنسيق مع نظرائه في دول الخليج بهدف توحيد الجهود لمواجهة أي تحديات أمنية خليجية، وسبق أن قال الأمير نايف «يجب علينا التعاون والتنسيق بين بلداننا وأجهزتنا الأمنية والوقوف على آخر المستجدات الأمنية إقليميا ودوليا»، واستطاع الأمير نايف خلال رئاسته الفخرية لمجلس وزراء الداخلية العرب أن يجعله من أنجح المجالس الوزارية العربية على الإطلاق، ودعم الأمن الفكري في المنطقة في مواجهة العديد من الإشكاليات، وقد بذل جهودا في إرساء قاعدة أمنية متينة عزّزت التعاون العربي المشترك في مواجهة التحديات.