في أمسية بعنوان «جوانب مضيئة من حياة الراحل نايف بن عبدالعزيز» أقيمت بنادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء أمس تحدث فيها كل من الكاتب سعيد ابو عالي ورئيس تحرير جريدة اليوم محمد الوعيل وأدار الأمسية الكاتب ورئيس النادي خليل الفزيع، كان الحضور الأقوى في الأمسية الذكريات، والكلمات العالقة في ذاكرة ضيوف الندوة وما كان لها من اثر في شخصيتهم. تحدّث رئيس تحرير جريدة اليوم محمد الوعيل في ورقته التي عنونها (اهتمامات الأمير نايف بن عبدالعزيز – يرحمه الله– الإعلامية عن علاقة الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز بالإعلام مستشهداً ببعض إطلالاته ومقولاته التي تدل على الحكمة والصدق وبعد النظر في الرؤية كقوله «الفكر لا يحارب إلا بالفكر»، فيما تحّدث الكاتب سعيد أبو عالي عن الجوانب العلمية في شخصية الراحل وعن النواحي الإنسانية التي برزت من خلال تجربة شخصية رافق فيها الأمير نايف يرحمه الله. وألقى الوعيل الضوء على اهتمامات الأمير نايف بن عبدالعزيز من زاويتين: سياسته الإعلامية والثانية علاقته بالعاملين في الحقل الإعلامي. وفي العنوان الأوّل قال إنّ علاقة الأمير نايف يرحمه الله بالإعلام بدأت تأخذ طابعاً مؤطراً من خلال تكليفه برئاسة المجلس الأعلى للإعلام عام 1401ه حيث حدد سموه منطلقات السياسة الإعلامية للمملكة في أول اجتماع للمجلس بمدينة الطائف. إنّ المشتغل بالعمل الإعلامي كان بوسعه الاتصال بسموه في أي وقت يشاء، فصدر الأمير كان مفتوحا للجميع دائما، وهو متجاوب إلى أقصى حد، ولم يكن يغضب سوى من نشر أية معلومة أمنية تفسد على الأجهزة المعنية فرصة الوصول إلى الجناة واستشهد الوعيل على ذلك بقول الراحل: «إنها ترتكز على أهداف واضحة في مقدمتها خدمة العقيدة الإسلامية السمحة وخدمة أهداف سياسة الدولة داخليا وخارجيا، وكذلك رفع مستوى إدراك المواطن وتزويده بالثقافة النافعة في كافة المجالات وتقديم الترفيه النافع في وسائل الإعلام»، وكان من أهم البصمات التي قام بها الأمير نايف عندما تولى مهام رئاسة المجلس الأعلى للإعلام صدور السياسة الإعلامية للمملكة عام 1402، والتي تعتبر الآن جزءاً لا يتجزأ من السياسة العامة للدولة. وأضاف الوعيل: تبنى المجلس لاحقاً كثيراً من الانظمة التي تؤسس وتنظم الشأن الإعلامي بصفة عامة فصدر (نظام المؤسسات الصحفية الجديد، ونظام قانون المطبوعات، ونظام حقوق المؤلف)، وكان سموه حريصا على استقلالية اقتصادية للصحف، ووجود حرية إعلامية مبنية على حقائق ومعلومات صحيحة وموثقة. وأكّد الوعيل أنّه عندما كان الأمير نايف على رأس المجلس، كان المجلس مؤثرا في العديد من الجوانب الإيجابية، وكان عونا لمجلس الوزراء في اتخاذ القرار بخصوص قطاعات مختلفة، خصوصا الإعلام، في وقت كان فيه بحاجة ماسة إلى دفعة ما، ليتقدم وينمو. وتحدّث الوعيل عن سبق الراحل لعدّة أمور منها تعيين متحدث في وزارة الداخلية ومتحدثين أمنيين في شرط المناطق، وقد كان متابعا دقيقا لكل ما ينشر في الإعلام مع قدرة كبيرة على التحليل. كما أكّد الراحل على ضرورة الرد بوضوح تام على استفسارات الصحافة وخاصة ما يتعلق منها بجهود المملكة في مكافحة الإرهاب، وعرف عن الأمير أنه متحدث ومحاور قوي اشتهرت مؤتمراته الصحفية ولقاءاته الإعلامية بجرأة الطرح وشفافية الإجابة دون أي تحفظات. مؤكداً أنّ العالم كله أصبح يعرف اليوم ما يسمى بالنهج السعودي في الإعلام القائم على الصدق والرويّة وعدم الدخول في المهاترات والترفع عن الصغائر. دفاع عن الإعلاميين وعن علاقة الراحل بالإعلاميين قال الوعيل: بنى الأمير نايف علاقة من المحبة والثقة مع الإعلاميين، وكان منفتحاً على مختلف التيارات الفكرية في الساحة الإعلامية دون تفريق، وعرف بتفهمه لمجمل التوجهات الفكرية للكتاب وقربه من الإعلاميين وتوجيهه لهم، ولم يشعر أي منهم من خلال تعاملهم مع سموه بأنه رجل أمن وفق الصورة النمطية المعروفة عن كل من يتولى المهام الأمنية في أي بلد في العالم. وأضاف: عرف عنه يرحمه الله بأنه المدافع الأول عن الإعلاميين، فكانت له بصمات واضحة في منحهم جملة من الحقوق كحق الاتصال بالمسؤولين والسؤال والحضور والمناقشة، وكان يقف دائما في صف الإعلامي ويسعى لإعطائه حقوقه. وقال إنّ المشتغل بالعمل الإعلامي كان بوسعه الاتصال بسموه في أي وقت يشاء، فصدر الأمير كان مفتوحا للجميع دائما، وهو متجاوب إلى أقصى حد، ولم يكن يغضب سوى من نشر أية معلومة أمنية تفسد على الأجهزة المعنية فرصة الوصول إلى الجناة، كما أن سموه يغضب من التطاول على المواطن أو القضاء بشكل ظالم، وكان يرحمه الله يعنى كثيرا بالثوابت المتعلقة بالدين، فهي خط أحمر، ومن غير الممكن أن يساء إليه على الإطلاق. وبيّن الوعيل أنّ الإعلام والإعلاميين بادلوه نفس المحبة والتقدير فقد صار نايف وبحق رمزا لرجل الأمن الذي يسهر على راحة الرعية بحب ورغبة في أن يعيش كل إنسان في ربوع هذا الوطن آمنا مطمئنا في بيته وعمله ومدينته أو قريته. مجالس العلماء فيما تناول الكاتب سعيد أبو عالي جانباً من السيرة العلمية للفقيد الراحل وقال إن الأمير نايف ولد بمدينة الطائف، وتلقى تعليمه على يد علماء وتربويين أجلاء. نمت لديه ملكة القراءة وحب الاطلاع منذ صغره فشب قادراً على النقد والتحليل وظهر ذلك في مجلسه، وتقربه إلى العلماء وقربهم منه فقد آمن أن العلم هو سبيل الفالحين ودليلهم إلى العمل الصالح وقائدهم إلى النجاح. ويتابع أبو عالي: انضم لمجلس والده الملك عبدالعزيز آل سعود الذي كان حافلاً بالعلم والعلماء وطلبه العلم. وكثيرا ما كان مجلس القائد المؤسس بمثابة حلقة علم موسوعية الرؤى تبتدئ بدرس في القرآن والحديث ثم تتفرع على الفقه وعلوم الحياة المختلفة، من السياسية إلى الاجتماع والتاريخ وشتى فروع المعرفة. ملفتاً إلى أن هذا التأسيس العلمي الممزوج بخبرة الرجال جعل من الأمير نايف «يرحمه الله» موضع ثقة لدى جلالة والده المؤسس الملك عبدالعزيز ولدى إخوانه الملوك، وقد اختاره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –يحفظه الله- وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية. وأضاف أنّ الراحل اعتمد على تحكيم القرآن والسنة، والأساس الأخلاقي الذي قامت عليه بلادنا منذ فجر تأسيسها في شوال عام 1319ه وهو المحافظة على «النفس والعقل والدين والعرض والمال» في جو من الحرية والعدل، بالإضافة إلى العلم الذي يؤسس لكل عمل ولكل قرار. ولفت أبو عالي إلى أنّ وزارة الداخلية تميزت بإنشاء قسم علمي واسع التخصصات والرؤى العلمية هو قسم الدراسات والبحوث واستقطب الأمير نايف كوكبة من الشباب الأكفاء الذين يتمتعون بروح البحث والتحليل فمنحهم الإمكانيات المادية، وفتح لهم باب التواصل مع المراكز العلمية في أنحاء العالم، وكان يصغى لما يتوصلون إليه من النتائج ولما يوصون فيحولها إلى دليل عمل لجميع القيادات الأمنية والإدارية التي تعمل معه. كما تحّدث أبو عالي عن كلية الملك فهد للدراسات الأمنية التي غدت برعاية الأمير نايف صرحاً علمياً مرموقاً ومؤسسة خلاقة في إعداد الرجال الذين يشكلون العمود الفقري لوزارة الداخلية، فقد تطورت هذه الكلية حتى أصبحت تضاهي أعرق الكليات المماثلة في العالم، وهي تقبل طلابها وتختارهم من بين حملة درجة البكالوريوس من الجامعات في الداخل والخارج وذلك إيمانا من الامير نايف –يرحمه الله- بأنه كلما كان الضابط أو الفرد مثقفاً ومتعلماً كانت نظرته إلى الامور صائبة. وقال إنّ هذه الجامعة هي مركز للدراسات العليا التي تمنح درجة الدكتوراه ودرجة الماجستير. وساحة لتدريب القيادات الأمنية تجد فيها الطلاب من مختلف الدول وحظيت برامج الدراسة فيها بالاعتماد من مؤسسات عالمية.وتحدّث أبو عالي عن مرافقته الشخصية للفقيد الراحل يرحمه الله لمدة أسبوع في جولة تفقدية قام بها سموه لمنطقة الحدود الشمالية قائلاً «كنت يومها مسئولا عن التعليم في المنطقة الشرقية بما فيها الأحساء ومنطقة الحدود الشمالية، حيث كان يصغي لكل من يتحدث إليه في لفتة جميلة تجعل المستمع يشعر بقربه من الأمير نايف، وكان يقرأ جميع الخطابات التي تقدم إليه ويدون توجيهاته عليها في أوقات السحر فلم يكن يهجع إلا قليلا من الراحة بعد ان يؤدي صلاة الفجر جماعة، وكان لا يذهب إلى العمل كل ليلة إلا بعد أن يطمئن على راحة جميع مرافقيه وكنت احدهم». وفي ختام الندوة كرم رئيس النادي الادبي خليل الفزيع ضيوف الندوة الدكتور سعيد ابو عالي والزميل رئيس التحرير محمد الوعيل . وقد تم توزيع كتاب إنه الوطن ياسيدي للزميل الوعيل على هامش الندوة .