aaaldan@ أكد مستشار رئيس جمهورية الشيشان المفتي العام الشيخ صلاح مجييف أن مؤتمر غروزني استغل بشكل سيئ بهدف الإساءة للسعودية، على رغم أنه لم يعقد لهذا الهدف كما روجت له وسائل إعلام وجهات معادية. وقال في حوار مع «عكاظ» إن الصورة النمطية والمفاهيم الخاطئة التي كانت لديهم عن السعودية زالت بالتقارب معها، خصوصاً بعد لقاء ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي أعقبه زيارة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى إلى الشيشان في زيارة وصفها بالأولى من نوعها والتاريخية، مبيناً أن التواصل المباشر هو الوسيلة الوحيدة للتفاهم. وفيما يلي تفاصيل الحوار: • البعض يجهل وضع الشيشان خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الأمني والديني، نريد تفصيلا حول هاتين النقطتين؟ •• تعد الشيشان في هذا الوقت -بفضل الله- مكانا آمنا وجميلا للعيش فيها وربما تكون الجمهورية الأجمل في روسيا من حيث العيش بسلام وحرية دينية مكفولة للجميع بشكل كامل. أضف إلى ذلك أن رئيس جمهورية الشيشان بنى جامعتين إسلاميتين في غروزني و13 مدرسة للمرحلة الثانوية و103 حلقات تدريس في المساجد ونحو 323 مسجدا تقام فيها صلاة الجمعة وأخرى تقام فيها صلاة الفريضة يبلغ عددها نحوا من 719، وهذا عدد كبير بالنسبة لمساحة الشيشان، إضافة إلى أن لدينا إدارة للشؤون الدينية والافتاء ومعهدا إسلاميا ومراكز لتعليم اللغة العربية، كما أن كل الحاجات متوفرة، إضافة إلى أن هناك مدرسين ومشايخ يأتون إلينا من دول عربية عديدة يدرسون في علوم اللغة العربية والفقه والمنطق والعقيدة ولم تتوقف هذه الدروس ولله الحمد، كما أن الأئمة والقضاة كلهم على كلمة واحدة وعلاقاتنا مع الدول العربية مبنية على حسن التواصل مع الكل ونحترم كل المسلمين ونود أن يكونوا كلهم على اتفاق. • كيف كانت مشاركتكم في مؤتمر الاتجاهات الفكرية الذي أقامته رابطة العالم الإسلامي أخيرا في مكة المكرمة؟ •• لا يخفى أن زيارتنا ومشاركتنا الرسمية هي الأولى ولعلها فرصة طيبة أن أتوجه بالشكر إلى أمين عام الرابطة الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، ولكل من قام على هذا المؤتمر المبارك الذي خرجت توصياته بشكل جميل اتفقنا فيه على الأصول رغم اختلافنا في بعض الفروع وتلك رحمة من الله، لكن الأهم اتفاقنا على الأصول، كما كانت التوصيات متوازنة وحاربت التكفير والإرهاب والتطرف وهو ما كنا نسعى إليه عندما عقدنا مؤتمر غروزني الذي شوهه أعداؤنا للإساءة إلى السعودية رغم أننا لم نشر أو نذكر من قريب أو بعيد إليها، لكن ربما التباعد الذي كان بيننا سابقا هو من شجع الأعداء على استغلال تلك الفرصة والثغرة للإساءة. لكن كل شيء زال ولله الحمد بعد الاجتماع والتقارب، ولعلكم شعرتم الآن بخطورة أهل التكفير الذي اكتوينا بناره منذ أكثر من 20 عاما، فقد كفروا علماءنا وقتلوا كثيرا من أئمتنا حتى أنهم قتلوا شيخي الشيخ أحمد حاج قديروف وكان من كبار علماء الشيشان ومفتيا للبلاد وهو أول رئيس لها وكان قد جمع الشعب حوله ودافع عنهم أمام الروس والمتطرفين على حد سواء. • مؤتمر غروزني أثار لغطا كثيرا في العالم الإسلامي.. حدثني عن كواليس هذا المؤتمر ولماذا أثير اللغط الكثير حوله؟ •• المؤتمر عقد لتحديد مصطلح أهل السنة والجماعة، أليس الخوارج يسمون أنفسهم بذلك ويصفون أنفسهم بذلك ويكفروننا جميعاً ويحكمون علينا بالردة؟ إذن يجب علينا التركيز على منبع التكفير ونوضح بدقة مصطلح أهل السنة والجماعة ونخرج منه من يدعي ذلك وهو في الحقيقة ليس منهم. ربما ليس كل المشاركين على رأي واحد في المؤتمر لكن أكثر المشاركين في المؤتمر كانوا متفقين في الحقيقة ضد الفكر الخارجي، إلا أن أعداءنا استغلوا بعض الثغرات وحاولوا إشعال نار الفتنة وتقولوا علينا بما لم نقله، محاولين الإساءة للسعودية لتنفيذ مآربهم الخبيثة، وهو ما لم نقصده تماما، لكن كل هذه المساعي باءت بالفشل ولله الحمد. • إذن من خلال إجابتكم السابقة يتبين أهمية تواصل المسلمين مع بعضهم حتى لا يستغل التباعد في خدمة أهداف أعداء الأمة وبالتالي إضعافها ونشر الفتنة بين أهلها؟ •• هذا صحيح بلا شك، لابد أن نتواصل، ربما نختلف في بعض المسائل لكن يجب أن نكون نحن المسلمين يدا واحدة، ونحن نتشرف بعلاقتنا برابطة العالم الإسلامي، ونشكر ونقدر جهود الأمين العام لها، وقبل ذلك جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما نشكر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي التقينا به مع رئيس جمهورية الشيشان رمضان أحمد قديروف ورحب بنا كثيرا وتكلمنا بشكل موسع حيال بعض القضايا والنقاط، وقد خرجنا مطمئنين مستبشرين بتوحيد الرؤى والتوجهات وأننا على فكر واحد يحارب التطرف والتكفير والإرهاب ونحن متفقون على ذلك. • ماذا دار بينكم خلال زيارة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى للشيشان؟ •• الشيخ الدكتور محمد العيسى رجل طيب وشيخ فاضل، وقد زارنا، وهو أول أمين يزور منطقة القوقاز كاملة، وليس الشيشان فحسب، زارنا زيارة تاريخية وتكلمنا حول بعض المسائل واتفقنا كثيرا حول وجوب اتحادنا كما ينبغي أن يكون عليه حال أهل السنة والجماعة. • هل هذا يعني أن تباعد الماضي قد زال بزيارة الشيخ العيسى؟ •• نعم، هذا التباعد تسبب في الفهم الخاطئ، ولكن على كل حال انحلت المفاهيم المغلوطة التي كانت لدينا، وأصبحنا الآن على تواصل مباشر، وستكون هذه الطريقة وسيلتنا الوحيدة للاتفاق ومناقشة الآراء وتبادل وجهات النظر كل ما احتجنا إلى ذلك وبالتالي نحل كل مشكلاتنا بشكل مباشر. دعني أقول لك أصل المشكلة أيضاً، هو أن بعض شعبنا كانت لديه صورة نمطية مشوهة عن السعودي، عندما كنا نرى في الشيشان أن بعض الذين تسببوا في مآسينا هم ممن قدموا من السعودية وبالطبع هم لا يمثلونها فهم أول من كفّر وقتل فيها، لكن كانت هذه الصورة لدى بعض الشعب فقد فهموا بشكل خاطئ واعتقدوا صورة خاطئة بتعميم هذه الحالة الشاذة على الشعب السعودي بأكمله ولذلك الشعب الشيشاني كان يتجنب أي قادم من هنا لكنهم الآن علموا وأدركوا أن السعودية كلها حكومة وشعبا تحارب التكفير وتواجه الإرهاب وقد اتضحت الصورة، فالسعودية بنفسها تعاني من الإرهاب والتطرف. الإرهابيون قتلوا كثيرا من العلماء في الشيشان حتى أنهم قتلوا شيخي الشيخ عبدالواحد وحرقوا بيته وقد أفتى به أحدهم وكان يشارك في قتله وكانت هناك إشكالات! يجب أن نفهم شبابنا وصغارنا وأولادنا أن الذي يكفر الآخرين اليوم سيكفر أباك وأمك غدا، المشكلة التكفيرية كانت إقليمية في مناطق معينة والآن أصبحت عالمية ولذلك علينا التصدي لها بكل قوتنا، ومطلوب منا أن نوحد الجهود ضدها وإلا فلن نستطيع فعل أي شيء. لن نترك التكفيريين • ما مدى معاناتكم في الشيشان مع ظاهرة التكفير والتطرف؟ •• باختصار أولا هؤلاء يعتمدون على أفكار التكفير وبعد ذلك يستحلون دماء المسلمين ثم يقتلونهم وهذا ما رأيناه، إذا كنت تعمل في الشرطة أو إماماً أو تتعامل مع أتباع الديانات الأخرى فإنهم يكفرونك، فلماذا نتركهم يعبثون، هكذا يجب أن نقول بكل جرأة. هؤلاء التكفيريون كانوا سببا للحرب الثانية في الشيشان، فهم الذين نقضوا العهد بيننا والروس بدخولهم في داغستان، كما أن قريتي التي دخلوها هناك كان أهلها ملتزمون بالشرع كاملا، وقد أوهموهم بأنهم سيهاجمون الروس وأعلنوا ذلك، فلما بدأ القصف الروسي هناك هربوا ورجعوا مرة أخرى إلى الشيشان بعد أسبوعين تقريباً من دخولهم ثم بدأت الحرب الثانية! بالتالي فإن أهل التكفير كانوا سببا في الحرب الثانية في الشيشان، هل تعلم كم توفي بسببهم؟ 500 ألف شخص، ودمرت الشيشان تدميرا وغروزني تحديدا، هذه هي فتنة الخوارج، نحن عانينا كثيرا من الإرهاب فلا أحد يعلم أكثر منا بفتنة الخوارج ولذلك نحن نركز دائما على منبع التكفير وأفكاره.