استقبل فخامة الرئيس الشيشاني رمضان أحمد قاديروف في العاصمة غروزني يوم الأربعاء الماضي، معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى؛ حيث استعرض الجانبان العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها "مؤتمر غروزني" الذي استضافته العاصمة الشيشانية غروزني أغسطس الماضي. المؤتمر لم يقصد الإساءة لأي مذهب أو مدرسة علمية كما التقى معاليه في اليوم نفسه بفضيلة المفتي العام لجمهورية الشيشان الشيخ محمد صالح مجييف، وفضيلة المستشار الديني لفخامة الرئيس الشيخ آدم شهيدوف، وجمع من علماء الشيشان في أولى الجولات الخارجية لمعالي الشيخ محمد بن عبدالكريم العيسى؛ بعد أن تسلم مهامه مؤخراً أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي. وأكد الجانب الشيشاني لمعالي الأمين العام على أن "مؤتمر غروزني" لم يعقد للإساءة للمملكة العربية السعودية أو علمائها، ولم يقصد المؤتمر ألبتة الإساءة لأي مذهب أو مدرسة علمية، فضلاً عن دولة بعينها، أو علمائها، مشددين على أن الجميع يُقَدِّرون المملكة حكّاما وعلماء، وأن المؤتمر عقد لتصحيح وتوضيح مفهوم أهل السنة والجماعة، الذي اخْتُطِفَ وشُوِّهَ على أيدي الجماعات التكفيرية المتطرفة، وقد التزم بموضوعه وعنوانه وهو بيان من هم أهل السنة والجماعة، ولم يكفر أحدا بل أقصى فقط عن هذا المفهوم التكفيريين والمجسمة والمشبهة. وقد اطلع معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي على النص "الحقيقي" لمقررات المؤتمر؛ حيث تبين أنه يؤكد على هذا المنهج الإسلامي الجامع للقلوب المؤلف بينها، وأن هناك تداولاً لعبارات وفقرات ليست من مقررات المؤتمر حُسبت عليه وليست منه، وأن عامة أهل القبلة هم على هدي الإسلام وسنة المسلمين، ويمثلون جماعتهم إلا من أبى أن يُحسب منهم بقوله أو فعله. الشيشانيون ينوهون بالدور الحيوي والنشط لولي ولي العهد في التلاقي المثمر بين الإخوة الأشقاء كما أكد الجانب الشيشاني على أن المؤتمر قد أقصى في سياق مقرراته "الحقيقية لا المنتحلة عليه" خلال دورة انعقاده خلال الفترة 22 - 24 من ذي القعدة سنة 1437ه الموافق 25 - 27 من أغسطس سنة 2016 الإرهابيين والتكفيريين الذي عاثوا في الأرض فساداً من "أدعياء السلفية" و"أدعياء الأشاعرة"، وغيرهم، موضحين أن أهل السنة والجماعة بريئون منهم. ونوه الجانب الشيشاني بالدور الحيوي والنشط لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، في التلاقي المثمر بين الإخوة الأشقاء في ضوء الرؤية الإسلامية الموفقة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-. علماء الشيشان: أيديولوجية التكفير والطائفية والكراهية والإقصاء لا صلة لها بمذاهب ومناهج أهل الإسلام واطَّلع الجانب الشيشاني على الطرح المؤسسي "العالمي" لمواجهة الأفكار الإرهابية والتكفيرية واقتلاعها من جذورها، من خلال مركز متخصص هو "مركز الحرب الفكرية" بوزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية، مثمنين هذه الخطوة التي وصفوها ب"العالمية" الرائدة التي تلبي الحاجة العصرية الملحة لها في نطاق انتشارها الواسع؛ مؤكدين في ذات السياق أن الإرهاب والتكفير لا دين له ولا وطن، وأن وَحَلَهُ شمل مَنْ وُلِدُوا ونشأوا وتعلموا في بلاد غير إسلامية، وأن أيديولوجية التكفير والطائفية والكراهية والإقصاء لا صلة لها بأي من مذاهب ومناهج أهل الإسلام في أصولهم ولا فروعهم، وأن التجاوزات والمزالق الفردية تُحسب على أصحابها ولا تعمم على المؤسسات العلمية والدعوية، فضلاً عن الدول. التجاوزات والمزالق الفردية تُحسب على أصحابها ولا تعمم على المؤسسات العلمية والدعوية وأضاف الجانب الشيشاني أن "علماء الشيشان المشاركين في المؤتمر حرصوا على تبيين مفهوم أهل السنة والجماعة على حقيقته؛ لارتباطه الوثيق بتاريخٍ خارجيٍّ، عندما تدخل في شأنهم وكفَّرهم ثلة من المتطرفين التكفيريين تحت هذا اللقب، وتطاولوا على منهجهم الوسطي المعتدل الحاقن للدماء بقيادة الرئيس الأول لجمهورية الشيشان بطل روسيا أحمد حجي قاديروف في مكافحة الإرهاب وأعداء الإسلام وإنقاذ الشعب الشيشاني"، لافتين النظر إلى أن "إخوانهم علماء المملكة العربية السعودية في طليعة من أنكر على هذا المنهج الخارجي التكفيري، وحذر من شره، وخروجه على ولاة أمره في حينه، وفتاواهم معلومة متداولة في هذا". إنشاء «مركز الحرب الفكرية» خطوة «عالمية» رائدة تلبي الحاجة العصرية الملحة من جانبه أكد معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين، ونائب رئيس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، الاطلاع على أبحاث المؤتمر التي حفلت بالطرح الموضوعي الداعي للتآلف المحذر من التطرف والتكفير، تحت مظلة سنة الإسلام وجماعته، مشيراً إلى أن من خرجوا على أمر ولاة أمرهم وعاثوا في الأرض فساداً بضلال منهجهم التكفيري، هم من جملة الخوارج، أياً كان مكانهم، وزمانهم، وأسماؤهم، وأياً كانت انتحالاتهم المذهبية وذرائعهم الفكرية. أمين عام رابطة العالم الإسلامي: لا اسم لنا ولا وصف ولا شعار ولا مظلة ولا مصطلح سوى الإسلام وأضاف معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: "أن من لم يسعه اسم الإسلام فلن يسعه الحق المبين الذي بعث الله به نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فلا اسم لنا، ولا وصف، ولا شعار، ولا مظلة، ولا مصطلح سوى الإسلام، وأن تنوع المدارس الإسلامية، يُحسب لثراء المنهج العلمي الذي نسير عليه منسوباً في اجتهاداته الفقهية لكل إمام من أئمة تأصيله على هَدْي الكتاب والسنة". وأعرب معاليه عن استعداده لمواصلة العمل الوثيق مع فضيلة المفتي وكبار العلماء في جمهورية الشيشان. وشكر معالي الأمين العام فخامة الرئيس الشيشاني على ما شمل به وفد رابطة العالم الإسلامي من حسن الوفادة وكرم الضيافة؛ حيث استضافهم -بصفة خاصة- في القصر الجمهوري، لافتاً النظر إلى أن هذه الحفاوة تترجم الشعور الإسلامي لدى فخامته نحو إخوانه في رابطة العالم الإسلامي، وهو مَنْ شاهدنا جهوده الطيبة في بناء المساجد، ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، وإقامة المناشط الإسلامية، حيث تواصلت هيئات رابطة العالم الإسلامي مع بعض تلك المراكز، وخاصة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم، كما لمسنا حكمة قيادة فخامته متمثلة في حرصه على تجنيب الشيشان أي اختراقات تكفيرية أو طائفية، وعدم السماح لها بنشر منهجها الضال على أرض الشيشان. الشيخ العيسى: بيان الحق يجب أن يكون بعيداً عن الإساءة والتجريح أو «المبادرة بالإقصاء» من جهة أخرى وفي سياق لقاءات معاليه بالفعاليات الشيشانية التقى بكبار علماء جمهورية الشيشان بحضور فضيلة المفتي العام، وفضيلة المستشار الديني لفخامة الرئيس، حيث دار خلال تلك اللقاءات حوارات أخوية، أوضح فيها معاليه أن دين الإسلام هو دين الرحمة والسماحة والتعايش، وأنه نبذ التطرف والتشدد باعتباره مرتكز نظريات الإرهاب والتكفير، مفيداً معاليه أنه ما أساء أحد إلى الإسلام مثلما أسيء إليه في هذه الأزمنة من داخله المحسوب عليه، فتأثرت بذلك الصورة الذهنية عن ديننا الحنيف لدى غير المسلمين، بل إن ذلك قد فتن بعض المسلمين أنفسهم. الاختلاف والتنوع والتعدد من سنن الله تعالى في كونه ودعا معالي الشيخ العيسى إلى تضافر الجهود لمواجهة هذا المد السيء، وتغيير صورته النمطية السلبية إلى الحقيقة الإيجابية التي شغفت قلوب الخلق في أهم تحول شهدته البشرية، عندما دعا النبي صلى الله عليه وسلم في زمنه أشد الخلق جاهلية وعناداً وعصبية فدخل الناس بهذه الدعوة المباركة في دين الله أفواجاً، وأن الكتاب الكريم بين سر ذلك بقوله تعالى:" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك". ولفت معاليه النظر إلى أن بيان الحق سواء في الفروع أو الأصول يكون في إطار أدب الإسلام وسمته الرفيع، بعيداً عن الإساءة والتجريح أو المبادرة بالإقصاء عن جماعة المسلمين، معتبراً أن أشد ما منيت به الأمة الإسلامية فيما طال توافقها وتآلفها ووحدة كلمتها هي الأسماء والأوصاف والشعارات المحدثة التي تناحرت بها بعد شؤم مزاحمتها لاسم ووصف وشعار الإسلام الجامع الذي سمانا الله تعالى به. وبين معالي الشيخ العيسى: "أن هداية الإسلام لا تُختزل في منهج أحد بعينه سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو أسوة الجميع، وهو المعصوم وحده فيما يبلغه عن ربه جل وعلا، ومن سواه ليس بمعصوم ويعتريه الفوات والخطأ إنْ في الأصول أو الفروع، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا من عصمه الله تعالى وهو نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وحده دون سواه، وقد سلك الخلفاء الراشدون -رضوان الله عليهم- من بعده صلى الله عليه وسلم مسلك الحق، فاتباع سنتهم مأمور به على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد علم المولى سبحانه في سابق علمه هداهم ورشدهم من بعده عليه الصلاة والسلام؛ فهم على نهجه بهداية الله وحفظه لهم، ومن سلك سبيلهم فهو على الهدى". وأوضح معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن الاختلاف والتنوع والتعدد سنة من سنن الله تعالى في كونه، وهو في إطار فروعه الفقهية ونحوها ذات الرحابة في تقبل الاختلاف يُعَدُّ من سعة الشريعة ويسرها، حتى أرشد الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- من ألَّف كتاباً فسماه كتاب الاختلاف، فقال: "سمِّهِ كتاب السعة"، وقال ابن العربي: "اختلاف العلماء رحمة للخلق، وفسحة في الحق، وطريق مهيع إلى الرفق". وختم معاليه بأن على الجميع أن يكونوا على هدى رشيد في الأصول، مشيراً إلى أن "البعض أدخل في الأصول ما ليس منها ليتقوى بها أمام خصومه، وهذا غلط على منهج الأصول من جهةٍ، ومضعفٌ لها ومُجَرِئٌ عليها في أخرى". الرئيس الشيشاني مستقبلاً أمين رابطة العالم الإسلامي د. العيسى ملتقياً علماء الشيشان بحضور المفتي والمستشار الديني للرئيس قاديروف أمين الرابطة مجتمعاً بمدير الجامعة الإسلامية في غروزني