تمثل معركة الموصل لدى الكثير من المراقبين والمحللين معركة مفصلية ستؤثر بشكل أو بآخر على الكثير من الصراعات والنزاعات والحلول المرجوة من نتائج تحرير المدينة، واستعادتها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، وسيكون لذلك التأثير أثر بالغ على المستوى الإقليمي وعلى الخارطة السياسية ليس في العراق فقط، وإنما في كل المنطقة. الذين تابعوا موضوع حلب في سورية وكيف أن استعادتها غيرت مسارات العملية السياسية في سورية يميلون إلى الاعتقاد بأن معركة الموصل ستأتي بنتائج شبيهة بتلك التي أسفرت عنها معركة حلب على صعيد التغير الواضح في مسارات العملية السياسية في سورية. بيد أن الموصل ستأخذ ربما أبعادا أكثر من معركة حلب لأن في معركة الموصل هناك قوى سياسية متداخلة تنطلق من أهداف ونوايا متعددة. وبناء على ذلك ستكون الموصل ساحة لصراع بين تلك القوى. ربما هناك من يرى بعض المبالغة بهذا الاستنتاج، ولكن إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار خافيات الأمور سنجد أن ما نقوله مقارب وملاصق لحقيقة معركة الموصل. القوى السياسية اليوم سواء كانت في بغداد، أو في إقليم كردستان، أوالقوى المحلية الموصلية تسعى وراء أهداف متناقضة، فإقليم كردستان يريد من مشاركته في المعركة ضم المزيد من الأراضي العراقية إلى الإقليم تحت ذريعة أنها أراض ذات أغلبية كردية، وهذا مجاف للحقيقة ويشي بنوايا ذات أبعاد انفصالية لم يتوان رئيس الإقليم مسعود برزاني في الحديث عنه والتصريح به في أكثر من مناسبة، وهو يرى أن مشاركة البيشمركة في المعركة هي الحجر الأساس للوصول إلى هذا الهدف، ومن ثم الوصول إلى حلم الدولة والانفصال إذا ما سارت العلاقات مع المركز على المنوال المعقد الذي هي عليه الآن. القوى السياسية الموصلية التي تشارك في المعركة تحت اسم الحشد العشائري تريد ما أطلق عليه اسم إقليم نينوى يتكون من خمسة محافظات تكون الموصل فيه مركز الإقليم، أما حكومة بغداد فإنها تريد أن تعود الموصل إلى سيطرة الدولة المركزية ووضع من هم حلفاء لها في مراكز قيادية في المحافظة. إن هذه الأهداف المتناقضة ستجعل من الموصل بعد استعادتها من تنظيم داعش الإرهابي ساحة لصراعات ربما يكون تأثيرها أخطر من تأثيرات وجود الموصل في قبضة داعش. * كاتب وإعلامي عراقي مقيم في لندن