إذا كانت رؤية 2030 تمثل ركيزة الإصلاح الاقتصادي خلال ال 15 عاما القادمة، فإن حساب المواطن يقع بمثابة القلب من التحول الذي تعيشه المملكة شكلا وموضوعا، منذ تراجع النفط إلى أكثر من النصف خلال الفترة الأخيرة. كشفت الدراسات طوال السنوات السابقة، أن أكثر من ثلثي الدعم لا يصل إلى مستحقيه من ذوي الدخل المنخفض والمحدود، ويحسب للقائمين على هذا البرنامج إعادة هيكلة الدعم الذي بلغ 300 مليار سنويا دون أن يحقق الهدف منه، من أجل تخفيف وطأة الآثار الاقتصادية الناجمة عن المبادرات المختلفة لزيادة الإيرادات على ذوي الدخل المنخفض، وتطوير نظام شامل يمكن من خلاله رفع كفاءة توجيه المنافع والدعم الحكومي للمواطنين، كما أن حساب المواطن من شأنه تشجيع وتحفيز الأسر على الاستهلاك الرشيد لمنتجات المياه والطاقة والوقود، إذ ليس من المستغرب أن تشير الأرقام إلى أن المملكة سادس دولة في العالم في استهلاك النفط بمعدل 2.8 مليون برميل يوميا، كما أنها من أعلى الدول في استهلاك المياه بمعدل 250 لترا للفرد يوميا، في حين أن المعدل العالمي لا يزيد على 120- 150 لترا يوميا، أما بالنسبة للكهرباء فان نسبة النمو السنوي في الاستهلاك لا تقل على 8% سنويا، فيما وصل حجم الإنتاج إلى 69 ألف ميجا وات تساوي استهلاك 100 مليون نسمة في دول أخرى. ولا شك أن الآمال معقودة على أن يكون حجم الدعم عبر حساب المواطن متسقا مع الأعباء المالية المتصاعدة، وذلك من خلال الاستعانة بتجارب الدول الأخرى ومراعاة ظروف المواطن الخاصة والقوة الشرائية للرواتب، وحسنا ما يجري التخطيط له بان يكون الحساب شاملا لمختلف أوجه الدعم السكني والتعليمي والصحي والاجتماعي وغيرها، منعا للهدر والنفقات المتزايدة. وإذا كانت الآمال معقودة على أن يوفر البرنامج 209 مليارات ريال بحلول 2020، فان الآثار الإيجابية له ستكون أكبر على صعيد تعزيز ثقافة الترشيد في الاستهلاك بما يحفظ للأجيال القادمة حقوقها في مكتسبات الوطن، كما سيضمن ذلك تحقيق الهدف الرئيسي للرؤية وهو «فصم» الميزانية عن النفط، بحلول 2030 عندما تصل الإيرادات غير النفطية إلى ترليون ريال. انطلق حساب المواطن حماية لأصحاب الدخل المنخفض، ووجب على الجميع الالتزام بتقديم المعلومات الصحيحة في البرنامج حتى يحصل كل مستفيد على ما يستحق فقط. [email protected]