العالم يتغير ومنطقة الشرق الأوسط أمام إدارة أمريكية جديدة يقودها دونالد ترمب تتحدث عن تغييرات بنيوية في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، وتجاه كل ملفات المنطقة الساخنة والباردة بعراقها وإرهابها وأسدها, وإيرانها، الأمر الذي سيضفي على المشهد الدولي مزيدا من الإرباك والتوتر بشأن السياسة الأمريكية المرتقبة ليس حيال المنطقة فحسب، وإنما حيال روسياوالصين والاتحاد الأوروبي أيضا. العالم ينتظر قرارات ترمب بحذر وقلق، وهي قرارات لن تتأخر في الظهور تباعا. وهذا ما يقلق أيضا بروكسل باعتبارها مقر الاتحاد الأوروبي الأطلسي، الأمر الذي يدفع العواصم الدولية إلى حبس أنفاسها خشية من قرارات أمريكية لم تكن في الحسبان. فالقلق تمدد ليصل إلى الصين بعد إعلان الرئيس الأمريكي الجديد تمسكه بمراجعة مبدأ «صين واحدة». من جهته، أعرب المحلل السياسي محمد خروب أن تصريحات ترمب تكشف بعضا مما يدور في واشنطن من جدل وسجالات، حول الاتفاق النووي الإيراني الذي اعتبرته إدارة أوباما جزءا رئيسيا من نجاحاتها، فضلا عن عجز واشنطن نسف الاتفاق أو إلغائه، لأن خمس دول كبرى ما تزال تلتزِمه ولا تفكر بالتراجع عنه، ما سيضع إدارة ترمب في موقف صعب، حتى باختلاف صحة ما نقل عن محيطه، بأنه لا يريد إلغاء الاتفاق، بل «تعديله»، وهو أمر سيكون صعبا أيضا. وهناك عقبة واضحة ستكون سببا في اندلاع خلاف دولي حول المسألة، في ما لو مضى ترمب في تحقيق وعده، سواء بالإلغاء أو التعديل، خصوصا أن حكومة نتنياهو «قبضت» ثمن هذا الاتفاق بمساعدات عسكرية وأمنية واقتصادية خرافية منحها أوباما وصلت إلى 38 مليار دولار ل10 سنوات قادمة، تبدأ في العام 2019. ويرى خروب أن موسكو هي المستفيدة من فوز ترمب، خصوصا بعد استعداده للاعتراف بعودة القرم إلى السيادة الروسية، ووصف حلف شمال الأطلسي بأنه «منظمة عفا عليها الزمن». وكرر ذلك الوصف مرارا، بل لم يتردد في توقع خروج المزيد من الدول الأوروبية المنضوية تحت راية الاتحاد الأوروبي من عضويته، ما أثار حفيظة قادة أوروبا. إلا أن موسكو تبدي مزيدا من الحذر في التعامل مع ترمب، فالكرملين لم يعد ينظر إلى الولاياتالمتحدة باعتبارها القطب الأوحد الذي يحتاجها العالم ولا يمكن التخلي عن مساعدتها، وقوتها الاقتصادية، والعسكرية، لأن أمريكا في عهد أوباما تراجع دورها في المنطقة وتغيرت موازين القوى، ومعادلة التحالفات الدولية، والإقليمية. ويبقى الملف السوري مفتوحا للتنسيق الروسي الأمريكي الجديد ويبقى مفهوم الإرهاب لدى ترمب.. ويبقى ملف الملالي والاتفاق النووي الذي وعد ترمب بتمزيقه.. إنها ساعات.. وأربع سنوات.. ننتظر لنرى..