غادة هي غادة، الكاتبة التي اقتحمت الحياة متسلحة بجمالها وأدبها وتمردها، فمن يجرؤ على غض الطرف عن هذه الفراشة.. فراشة حملت كل ألوان الطيف في صحراء كانت تتلظى بهجير الذكورية الباحثة عن عشيقة تكون خشبة الخلاص، هذه الأغنية أشجت كل من حولها ورغب كل واحد من العازفين أنت تكون من لحنه وإبداعه، ولَم يكن أنسي أو كنفاني إلا عازفين هربت منهما تلك الأغنية وبعد زمن طويل أرادت أن تذكر السميعة من فكر العزف بمقاطعها التي أشجت سامعيها. هل تنفع هذه المقدمة للحديث عن أسباب نشر غادة السمان لرسائل أنسي الحاج؟ سوف أغرب في الحديث عن نشر هذه الرسائل المصابة بحمى العشق من قبل أنسي بينما توارى أثرها على المعشوقة غادة، ربما تقودني وسائل السرد لتخيل حالة عشق وقفت في حنجرة الزمن ولَم تستطع استكمال مقاطعها، كما يهوى عاشق وتتململ معشوقة. ليكن المشهد هكذا: فتاة في العشرين من عمرها تحمل سطوة كل شيء الجمال والإبداع والطموح والتمرد. هذه الفتاة لن تقبل أن تقع فريسة فخ من خيوط عاشق حتى ولو كان شاعرا يفرش القصائد تحت قدميها فهي مولعة بذاتها ولا غير ذاتها؛ ولأنها وضعت عينيها في المستقبل فلن تنظر لأي راهن يوقفها عن مواصلة سيرها للغد، وهذا ما أراده أنسي إن صحت الرسائل المنشورة. أما غادة فقد عبرت طريقا موازيا تقطف عشرات العشاق وتؤسس من غزلهم رداء للسندريلا التي ضربت موعدا لآخر عاشق يأتيها مع منتصف الليل. هل كان ذاك العاشق هو غسان كنفاني؟ لا أعتقد، فغادة لا يرضيها إعلان عاشق وحيد في حياتها ولذلك لم تشأ أن تثبت عشقها لأحد ومنهم غسان وأنسي، ولربما كان كبرياء الحاج جريحا فلم يذكرها بتاتا أثناء حياته كرد عاص لذلك العشق المرفوض حتى إذا مات كانت المعشوقة تفاخر أن أنسي الحاج أحبها وأنها لم تكترث لذاك الحب. يا لقوة المقتدرة عندما يقع أمامها عاشق. غادة كانت تقفز ولع العشاق كما تقفز رصيفا لامعا ولا تبهرها لحظة العبور.