عايشت أوروبا عاما دمويا سواء كان من حيث ازدياد الأعمال الإرهابية أو تصاعد تأثير الأحزاب اليمينية الشعبوية المتطرفة، أو تعاظم الكراهية ضد الجاليات الإسلامية. ففي الوقت الذي واجهت فيه السلطات الأوروبية نشاطا غير مسبوق للأحزاب المتطرفة، ترددت أنباء عن قيام مجموعات تبشيرية مسيحية بمحاولة إقناع اللاجئين بالتنصرمن أجل البقاء في أوروبا وفي ألمانيا على وجه الخصوص. والسؤال الذي بات يؤرق الأوروبيين جميعا، كيف ستعيد أوروبا تموضعها سياسيا وأمنيا عام 2017؟ وهل ستشهد أوروبا تثبيتا للأحزاب التقليدية، أم أن اليمين المتطرف والأحزاب المعادية للاجئين ستحتل مساحة أكبر في الحياة السياسية؟ ويرى خبراء أوروبيون أن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، نتاج للانتخابات الأمريكية التي أسفرت عن فوز الجمهوري ترمب، الأمر مهد الساحة لصعود هذه الأحزاب التي بدأت في الاستعداد بالفعل للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجرى في ألمانياوفرنساوهولندا خلال 2017. ففي هولندا، ترتفع أصوات حزب «من أجل الحرية» بزعامة غيرت ويلدرز، مخرج فيلم «فتنة» والسياسي الهولندي الشعبوي، الذي يتوقع له المحللون أن يحصل حزبه في انتخابات مارس 2017 على أصوات تمكنه من دخول البرلمان، بل والمشاركة في حكومة ائتلافية في لاهاي، فيما ستشهد ألمانيا انتخابات تشريعية في نهاية سبتمبر القادم، إذ يتصدر حزب «البديل من أجل ألمانيا» بزعامة فراوكيه بيتري، التي ترفع شعار «ألمانيا للألمان»، وتنادي بإعادة النظر في سياسة اللاجئين، فهل سيتمكن حزب البديل من دخول البرلمان الألماني في انتخابات سبتمبر القادم؟ وبالتوازي مع ذلك، تتأهب زعيمة حزب الجبهة القومية في فرنسا ماريان لوبان، لمواجهة مرشح الرئاسة فيون، رئيس الوزراء الفرنسي السابق، الذي لا ينتمي لأي حزب سياسي، ويعرف بميوله الليبرالية وتأييد سياسات الاقتصاد الحر؛ مما جعله يحتوي الساحة الشعبوية في فرنسا على طريقة الفرسان دون ديماغوغية. ويرى الخبراء أن عام 2017 لن يسدل الستار تماما على الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية التي ظهرت في أوروبا عام 2016، مما سيسمح لها بالوجود في المستقبل، ولعل مرد ذلك إلى السياسة الأوروبية بوجه عام، فإلى الآن لم تتفق أوروبا على رؤية لمواجهة الشعبوية مثلما تواجه الإرهاب، وفي هذا الإطار يتوقع الخبراء أن المرحلة القادمة التي سيتولى فيها الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب رئاسة الولاياتالمتحدة، ستشكل بداية جديدة للأحزاب الشعبوية في برلين وباريس ولاهاي وبروكسل.