كشفت تقديرات معاهد استطلاع الآراء أن حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف حلّ في المقدمة في ست مناطق من أصل 13 منطقة في الدورة الأولى من انتخابات المناطق في فرنسا، جامعاً نسبة أصوات قياسية تتراوح بين 27.2 و30.8 في المئة، فيما حصد الحزب 24 مقعداً من مقاعد فرنسا في البرلمان الأوروبي. ويشكّل فوز الحزب اليميني سابقة في فرنسا، إذ استفاد من اعتداءات باريس الأخيرة التي تبناها تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، في تحقيق اختراق مهم يُرجّح أن يعيد رسم المشهد السياسي قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في العام 2017. وقال آلان ألبيرن من حزب «الخضر»: «هذا مؤشر سيء بالنسبة إلى فرنسا، لأن الجبهة الوطنية تكتسب شرعية شيئاً فشيئاً. الناس لا يدركون ما هو مُخبأ لهم». واستغلّت الأحزاب اليمينية في فرنسا مشاعر الخوف التي سادت الشارع الفرنسي بعد اعتداءات باريس وتدفق المهاجرين إلى أوروبا، لتنظم تظاهرات مناهضة للمسلمين جابت عدداً من الشوارع الفرنسية، رفع المحتجون خلالها لافتات تطالب بإغلاق الأبواب في وجه المهاجرين وطرد المسلمين من البلاد، الأمر الذي زاد من معاناة اللاجئين السوريين في أوروبا. واشتعلت النيران، عقب أحداث باريس، في مخيم اللاجئين الموجود في غابات كاليه الفرنسية، والذي يوجد فيه ستة آلاف لاجئ غالبيتهم من سورية، ما أسفر عن عدد من الإصابات. ولم تحدد السلطات المحلية السبب الرئيس للحريق، غير أن وسائل إعلامية أشارت إلى أنه كان «متعمداً، وجاء انتقاماً للهجمات الانتحارية». ويُعتبر صعود الأحزاب اليمينية في الانتخابات ظاهرة أوروبية لا تقتصر على دولة واحدة من دول الاتحاد. ففي النروج حصل حزب «التقدم» اليميني على 29 مقعداً في البرلمان، فيما شهدت اليونان تصاعد شعبية حزب «الفجر الذهبي» المتهم في كونه نازياً وفاشياً. وفي النمسا، أحرز حزب «الحرية» اليميني أربعة مقاعد من أصل 18 مقعداً مخصصاً للنمسا في البرلمان الاوروبي. وارتفعت أخيراً نسبة الألمان المعادين للمهاجرين إلى تسعة في المئة من الأصوات. وقد تنزلق ألمانيا الى التقوقع ويسيطر التيار اليميني على سياستها. وشارك في مدينة دريسدن (شرق) الشهر الماضي، حوالى 18 ألف متظاهر ضد طالبي اللجوء، ووصفوهم ب «المجرمين»، في تظاهرة هي التاسعة ضمن ما يسمى «تظاهرات الاثنين»، والتي تنظمها جماعة «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب» (بيغيدا). وكانت ألمانيا منحت السوريين حق اللجوء، الأمر الذي كان بمثابة دعوة للشركاء الأوروبيين إلى مشاطرتها استقبال اللاجئين. لكن دولاً في الاتحاد أساءت فهم خطوتها، واتهمتها بجذب اللاجئين الى أوروبا. وأظهر استطلاع للرأي أجراه موقع «زيت» ألالماني، أن «نحو نصف الألمان (49 في المئة) يتعاطفون مع مخاوف «بيغيدا»، بينما قال 30 في المئة أنهم يدعمون أهداف المتظاهرين بالكامل». وأكد الاستطلاع أن «73 في المئة من الألمان قلقون من أن الإسلام المتطرف ينتشر، بينما قال 59 في المئة إن ألمانيا قبلت عدداً كبيراً من طالبي اللجوء». وتتبنى الأحزاب اليمينية موقفاً متحفظاً على استقبال اللاجئين في بلدانها، وتتبنى كذلك خطاباً شعبوياً عنصرياً ضد المهاجرين. وفي البلدان التي يكون فيها غالبية المهاجرين مسلمين، يصبح هذا الخطاب خطاباً معادياً للإسلام، كخطاب «حزب الحرية» الهولندي. من جهتها، أعربت «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» عن قلقها إزاء ردود فعل بعض الدول التي تسعى إلى إنهاء برامج إدارة أزمة اللاجئين، والتراجع عن التزاماتها في هذا الشأن. وفي سياق متصل، انتقدت رئيسة وزراء بولندا اليمينية الجديدة بياتا شيدلو برنامج الاتحاد الأوروبي المثير للجدل لتوزيع اللاجئين على الأعضاء في الاتحاد، مؤكدةً أن عدداً من الدول تستخدم هذه السياسة لإلقاء العبء على غيرها. ويدور خلاف بين دول الاتحاد حول وقف تدفق اللاجئين القادمين إلى أوروبا، إذ يرغب غالبيتهم في التوجه إلى دول أوروبا الغنية، وخصوصاً ألمانيا.