مهد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لعملية «اختفاء» مخجلة حول الوضع في حلب من مؤتمر باريس الأسبوع الماضي حين قال: في كل مرة يجتمع «أصدقاء الشعب السوري» ولكن أنا أعرف أنه ما من جديد في الأمر، مضيفا بلغة المنسحب: سئمنا.. هذه ليست كلمات وزير خارجية دولة أفريقية بعيدة عن نيران الصراع في الشرق الأوسط، هذه تصريحات وزير خارجية أكبر دولة في العالم. لا أحد يعلم ويمكنه توصيف الدور الأمريكي الصادم في سورية، مسألة تحتاج إلى كثير من التعمق؛ ذلك أننا أمام دولة عظمى تتخلى عن كل مسؤولياتها الأمنية والسياسية وتسلم شعبا كاملا للجزارين، فيما يختفي أي تأثير لها على ما يجري في حلب. لقد كشف الاتفاق (الروسي - التركي) عن حقيقة الدور الأمريكي المهزوز في سورية، ذلك الموقف المعيب بحق دولة لها مصالح وعلاقات تاريخية بالشرق الأوسط، وفي الوقت الذي كان الخبراء الروس والأمريكيون يجتمعون في جنيف لوضع خطة وقف إطلاق النار في حلب، ذهبت روسيا إلى تركيا لإبرام اتفاق يضمن خروج آمن للمعارضة المسلحة والمدنيين من الأحياء الشرقية في حلب. دون أدنى ذكر لأي دور أمريكي يذكر! بدا واضحا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد أن يحرم إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أي دور يمكن أن تلعبه هذه الإدارة في الأزمة السورية، وتأكد ذلك من خلال تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ألمانيا الأسبوع الماضي، حين هاجم الدور الأمريكي، معتبرا أنه معرقل للحل. وكان ذلك مؤشرا لحاجز روسي لأي دور أمريكي، إلا أن الابتعاد الأمريكي ليس حالة انهزام أمام روسيا بقدر ما هي رغبة حقيقية. ومع اقتراب تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترمب لمقاليد الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومع أجواء التفاهم التي بدت واضحة من خلال تعيين وزير الخارجية ريكس تيلرسون -أقرب الأصدقاء للرئيس بوتين- يبدو أن ثمة ترتيبات سياسية سيكون لإدارة ترمب دور فيها بما يتعلق بسورية، وربما يكون التفكير الروسي يتجه لمنح ترمب هدية سياسية في سورية تكون «عربون» صداقة لأربعة أعوام يتمكن من خلالها الروس تقاسم النفوذ مع الولاياتالمتحدة دون احتكاك!. العالم كله يترقب وصول ترمب، أما الشرق الأوسط فهو يتنفس الصعداء حتى 22 من يناير القادم، حين ستتجلى الحقيقة في الشرق الأوسط، وسيُكتب مسار جديد للمنطقة.